مقتطفات من كتاب " فمن خلق الله ـ نقد الشبهة الإلحادية :إذا كان لكل مخلوق خالق فمن خلق الله ؟ ـ " لمؤلفه د/سامي العامري

يتكون الكتاب من :264 صفحة ، من القطع المتوسط ، من  إصدارات : مركز تكوين للدراسات والبحوث
ومؤلفه د.سامي عامري له باع في دراسة الأديان والشبه 
الإلحادية
مراجعه : 27 كتاباً باللغة العربية ، و 154  مرجعاً أعجمياً ،  أما المقالات العلمية في الصحف والمجلات فلم يُشر لها لكثرتها .








ص
العبــــــــــــــارة
معلومات
يتكون الكتاب من :264 صفحة ، من القطع المتوسط ، من  إصدارات : مركز تكوين للدراسات والبحوث
ومؤلفه د.سامي عامري له باع في دراسة الأديان والشبه الإلحادية
مراجعه : 27 كتاباً باللغة العربية ، و 154  مرجعاً أعجمياً ،  أما المقالات العلمية في الصحف والمجلات فلم يُشر لها لكثرتها .
17
قال r " لن يبرح الناس يتساءلون هذا الله خالق كل شيء فمن خلق الله " وقال : " يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته "
18

ماذا يفعل من وجد في نفسه شبهة ؟

شبهة " فمن خلق الله " يتعوذ بالله منها إذا كانت عارضه ، ويتفكر في مخلوقات الله وبراهين العقل إن تمكنت من النفس
19

هل كل شيء لا بد له من محدث ؟

ليس صحيحا عبارة : كل شيء لا بد له محدث ، بل : كل حادث لا بد له من محدث . >فالله سبحانه ليس حادث> ، وذاته غيب غير مشهود ، ولا يشبه شيئاً من مخلوقاته سبحانه .
19

الله سبحانه والزمان :

الله سبحانه متعال على الزمان أي أن وجوده ثابت قبل وجود الزمان ، فهو مخرج الزمان من العدم إلى الكينونة
21
حتى لا نُخدع ! الإلحاد ــ على الصواب ــ دين من الأديان وليس محض نفي صامت ، فله نظره كلية للوجود وفلسفة وغاية .
22

على كل أحد أن يثبت حجته :

كلٌ من الفريقين " المؤمنين ، والملحدين عليه أن يثبت صحة مقرراته الروائية والعقدية ، فلا بد أن يقدم روايته لأصل الخلق وبدئها .
29

هل الملاحدة  يجادلون في البدهيات  ؟

الاستدلال بالحوادث لبيان وجوب التصديق بوجود الخالق ، فلا ينشأ شيء إلا بسبب (وهو شيء بدهي يدركه الطفل الصغير فإذا لمسه أحد التفت يرى من هو ؟  ) ومن العبث أن نحتاج للبرهنة على هذا الأمر (الذي يجادل فيه بعض الملاحدة مع الأسف)
37
قانون الترجيح : تغير الشيء من حال إلى حال ــ مالم يكن أزلياً ــ إما يكون من داخل الشيء أو من خارجه ، فإن قلنا من داخله لزم التناقض لأننا نفترض وجود قوة الخلق في الشيء قبل وجود الشيء نفسه ، فصار لزاماً القول : إن سبب الخلق خارج  الشيء غير مزامن له .
37
(قانون السببية : إما أن يوجد الشيء نفسه أو يوجده غيره ، ويستحيل أن يوجد الشيء نفسه حيث يلزم منه الدور ، فصار لزاماً أن يكون موجده خارجاً عنه .)
39

(تناقض الملحدين)

·    يهمل الملاحدة أنفسهم عند دعوى انتقاض الحتمية السببية بمجرد مفارقة عالم الكتب إلى عالم الواقع، و لا يحتج أي منهم بالعادة والاقتران عندما تكون له مظلمة ـ مثلاً ــ أما محكمة ، وإنما يجزم بالأسباب بصورة قاطعة دون ريب .
·    يتبنى عامة الملاحدة (المذهب العلموي ) الذي يرون أنه الطريق الوحيد للحقيقة هو العلم ، والعلم لا يدرك الحقيقة إلا بإدراك الأسباب  (ويناقضون أنفسهم عند مناقشة قضية الخلق )، فلذلك لا يسلم لهم مذهبهم .
·    عند مناقشة (حرية الإرادة) يستدل الملاحدة بحتمية القوانين الكونية لنفي الإرادة الحرة للإنسان وتقرير جبرية الفكر والسلوك الإنسانيين ، ولا سبيل للقول بالجبرية بغير القول بالسببية !
39

نفي السببية عند الملحدين :

نفي السببية ، نفي للعقل الذي هو حصيلة ترتيب سببي للأفكار ونفي للكون بنفي ماهية الأشياء وأعراضها .
40

المشككين والعلم :

(من عجائب المشككين في الخالق أنهم من أرباب الجامعات والمدرسين فيها المؤمنين بالقوانين العلمية القائمة على الأسباب ) كونتن سميث يقول : التصور الأكثر معقولية هو أننا قد جئنا من لا شيء ، بلا شيء ، لأجل لا شيء) !
44
من عجائب الملحدين أنهم وضعوا لللاشيء مفعول أعظم من السحر ؟
"شيءٌ كلا شيء " عندما يقال إن لا شيء هو الشيء الذي أخرج كل شيء إلى الوجود ، فذاك يعني أن اللاشيء أعظم في حقيقته من السحر ، إذ السحر لا يستغني عن ساحر ، أما هذا اللاشيء فلا يحتاج شيئاً ، وهاهنا هرب الملاحدة  من الغيب الذي لا تدركه الحواس ، إلى ما هو أغرب من السحر وهو : اللاشيء المبدع !
ليس اللاشيء في حقيقته لا شيئا ً، وإنما هو عالم من الطاقة الحيّة ، وما كانت عبارة اللاشيء إلا وسيلة للهرب من الشيء السابق للكون
45

من عجائب أقوال أحد الملحدين :

يقول "ستيفن هاوكنغ "(توفي في مارس 2018مـ) في كتابه التصميم العظيم : من الممكن أن يكون الكون خلق نفسه من عدم ، وخص الجاذبية بسلطان خارق فقال "لأنه يوجد قانون كالجاذبية فبإمكان الكون أن يخلق ــ وسيخلق ــ نفسه من عدم " ولك أن تندهش إذا علمت أن "هاوكنغ" من أكبر العقول البريطانية العلمية ! وتقوم فرضيته على عدد من الأمور الواضحة الفساد :
·      تفترض أن الجاذبية لا شيء .
·      تفترض وجود القانون الكوني في غياب الكون نفسه !
·      تفترض ان القوانين المادية ، كالجاذبية أشياء قادرة على الخلق ، في حين أنها مجرد وصف لسنّة عمل المادة . إن القوانين لا تخلق شيئاً
·      لم يسأل "هاوكنغ نفسه من أين جاءت الجاذبية ؟ ومن المدهش أن "نيوتن" مكتشف الجاذبية نفسه قال في كتابه الخطير عن الجاذبية " إنه الفه ليدفع الأذكياء إلى الإيمان بالله "
·      حتى لو افترضنا ــ جدلاً ــ أن الكون بلا بداية يبقى السؤال قائماً لماذا توجد الجاذبية من الأزل ؟ 

55

استغلال الملاحدة لعالم الذرة الخفي:

الملاحدة يحاولون استغلال دقة عالم الذرة وخفائه لافتراض غياب السببية ، غير أن الخفاء ليس حجة لأحد من الطرفين المتنازعين (أنصار السببية ومخالفيهم ) ، ويبقى أن يُجرى على الأصل المتيقن حتى ينتقض بدليل يقيني ، فهو افتراض قائم على حجة الجهل !!
57-58

خفاء عالم الذرة ليس حجة لأحد :

علماء اليوم في حيرة من حقيقة هذا الشيء هل هو : جسيم أم موجة ؟ حتى أن الكثير من الفيزيائيين اليوم يدعون إلى هجر النظر في التفسيرات والاهتمام بالأمور الحسابية ... رافعين شعار " اخرس وعد "
58

نظرية الكم التي يحتج بها كثيراً الملاحدة :

(مختصر نظرية الكم هي : النظرية أو النظريات التي تدرس نشأة الجسيمات ، وشروط ظهورها )
60

حقيقة الجسيم :

الجسيم هل هو مخلوق من عدم أم مجرد تحول من حال ؟
إن حقيقة الجسيم الذي يزعم الملاحدة أنه نشأ من لا شيء لا يمثل خلقاً من عدم ، إنما هو في الحقيقة انتقال من حال فيزيائي إلى آخر ، فهو تحول للشيء من حال الطاقة إلى حال المادة ، فيأخذ مادته من الطاقة ليكون نفسه ، ثم يعود بعد فترة قصيرة جداً إلى حال الطاقة .
فالخلاصة اذا : أن البرهان الوحيد المدّعى لظهور الشيء من العدم ، هو في حقيقته مجرّد تحوّل شيء موجود من صفه إلى أخرى وليس انبثاقاً من اللاشيء .
69

استدلال الملحدين بنظرية "كانتور " :

((من محاولات الملحدين للهروب من استحالة شيء اسمه "لا نهائي " في عالم الواقع التعلق بنظرية عالم الرياضيات "كانتور" : (نظرية المجموعة ) فالخط يقبل القسمة على اثنين ثم نصفه على اثنين وهكذا الى مالا نهاية ، وهذا لا حظ له في الواقع ، ولذلك واجهت معارضة  حادة من علماء الرياضيات ويوجد بها العديد من المفارقات ولذلك تخلى عنها بعض أنصارها ، فهي مسألة رياضية تجريدية بحته .
ويكفي لإبطال هذه النظرية النظر لتعريفهم لها : فهم يقولون هي المجموعة التي يساوي كلها جزءً منها والجزء منها يساوي كلها ! وهذا مناف تماما للواقع ويستحيل تطبيقه على مثال واحد .)
ولنتصور ــ جدلاً ــ أنه يوجد مكتبة فيها عدد لا نهائي من الكتب البيضاء وعدد لا نهائي من الكتب الصفراء وعدد لا نهائي من الكتب الحمراء ، فهل يعقل أن مجموع الكتب البيضاء يساوي جميع الكتب البيضاء والصفراء والحمراء ، وهل يُعقل أنه إذ أُخذ كتاب من الكتب البيضاء فلن ينقص من المكتبة كتاب واحد ؟ إذ العدد لا متناهي ، وهذا محال فالحذف يقتضي النقص )) فهي نظرية تخالف بدهيات الواقع .
73

استحالة اللانهائي في عالم الواقع هل ينطبق على الخالق سبحانه ؟

((إذا كان الأمر كما سبق استحالة اللانهائي في عالم الواقع فكيف نقول إنه لا نهائية للإله ؟
وبعبارة أخرى كيف نقرر أن الله ــ سبحانه ــ أول بلا ابتداء ، " هو الأول فليس قبله شيء "
نقرر ذلك عندما نعرف أن الزمن عبارة عن تتابع أحداث أحدها تلو الآخر فالحدث رقم اثنين حدث بعد الحدث رقم 1 أما الله ــ سبحانه ــ فهو متعال عن الزمان فكان ولم يكن قبله شيء والزمن من مخلوقاته سبحانه وتعالى وتقدس)) ، فهو اوّل بلا ابتداء وليس أوّلا بابتداء زمني
74

ماهو الزمان ؟

الزمان كما عرفه ابن تيمية (في مجموع الفتاوى 21/5 ) : مقدار الحركة ، وعرفه الغزالي : بأنه مقدار الحركة موسوم من جهة التقدم والتأخر ، فهو بعبارة أخرى : سلسلة تتابع الأحداث ، فهو ليس كياناً موضوعياً ، وإنما هو مظهر تتابع الأحداث في الكون ، ولذلك فعلى الملاحدة إن أرادوا إثبات أزلية الزمان أن يثبتوا أن سلسلة أحداث الماضي المتعاقبة غير متناهية .
فالخلاصة : أن الزمان ليس شيئاً قائماً بذاته وإنما هو أثر لحركة الكون .
76

مثال لشرح علاقة الزمان بالأحداث  :

لا يمكن لسلسلة الأحداث الزمنية أن تكون لا نهائية واقعياً
وقد مثل ابو المعالي الجويني لذلك لو قال رجل لمخاطبة : "لا أعطيك درهماً إلا وأعطيك قبله ديناراً ولا أعطيك ديناراً إلا وأعطيتك قبله درهما ، فلا يُتصوّر أن يعطيه على حكم شرطه ديناراً ولا درهما "
ثم إن الزمان كما مر هو أثر عن تتالي مجموع  أحداث ، ولا سبيل لدخول هذه الأحداث عالم الوجود إن لم يكن هناك حدث أوّل ليعقبه ثان وثالث إلى اليوم ، ولذلك يقول ابن حزم "لا سبيل إلى وجود ثانٍ إلا بعد أول ، ولا إلى وجود ثالث إلا بعد ثان ، وهكذا أبداً . ولو لم يكن لأجزاء العالم أوّل لم يكن ثان . ولو لم يكن ثان لم يكن ثالث . ولو كان الأمر هكذا لم يكن عدد ولا معدود .
77

مثال ثاني لعلاقة الزمان بالأحداث ؟

هذا الأمر أشبه بالجندي الذي يُطلب منه أن يطلق رصاصة على خصمه ، لكنه يقول : لن أفعل حتى أستأذن من قائدي (علي) ، ولما يستأذن قائده (علي) يخبره (علي) أنه يحتاج أن يستأذن قائده (عمر) ولما يستأذن علي من عمر يخبره (عمر) أنه يحتاج أن يستأذن من (عكرمه) ... وهكذا إلى مالا نهاية . ويلزم من  ذلك أن لا يطلق الجندي رصاصته لتعلق الإذن بعدد لا متناهي من الأذونات ليس له أول .
78
إذا لم يكن للزمان أول فلا يمكن أن يكون له وجود .
83

مع تطور العلم  انقلب الحال على الملاحدة في أزلية المادة ؟

ضل الملاحدة طوال تاريخهم يستدلون بأقوال كثير من الفلاسفة بأزلية المادة ، وهو مذهب عامة الفلاسفة وعلماء الفلك ، حتى بداية القرن العشرين انقلب الحال وصال العلم المادي إلى صف القائلين بأن الكون حادث : وُجد بعد أن لم يكن ، وقد كان من آثار ذلك :
1ـ تأكيد الدليل الفلسفي على خلق الزمان والمكان .
2ـ إحراج الملاحدة وهو ما جعل رؤوسهم يتخبطون للخروج من هذه الورطة .
تولى علم الكسمولوجيا إبطال دعوى أزلية المادة والزمان  وهو علم يتعلق بأصل الكون وتطوره ، وهو علم لا ينطلق من مقررات دينية سالفة وإنما يبدأ من المادة وينتهي إليها .
83

هذا العصر وإثبات وجود الله :

" لم يكن الدليل على وجود الله أبداً أوضح ولا أقوى مما هو الآن  " الفيلسوف روبرت س . كونر  في كتابه العلم والإيمان بالله : توافق أم تصارع ص 73






































































































































































































84

بدايات الاهتداء علمياً على بداية خلق الكون: 

يكاد يجمع علماء الكسمولوجيا على أنه منذ 13.7 / 13.8 بليون سنة حصلت فرقعة عظيمة ، (13.7=  تقدير وكالة ناسا عام 2012 ــ  13.8 بليون سنة ما قررته الوكالة الأوربية لأبحاث الفضاء بعد تحليل المعلومات التي جمعها مرصد بلانك سنة 2013م .
حصلت فرقعة عظيمة (وفيه تجوز في التسمية لأنه لا يمكن رؤية هذا الحدث من الخارج ، إذ هو المكان ذاته متوسعاً بعد ذلك )
لم ينشأ هذا الانفجار في مكان ولا زمان ، وإنما نشأ المكان والزمان بسبب هذا الانفجار ، فالانفجار ظهر به المكان والزمان ، لم يكن هناك شيء قبل هذا الانفجار .
ظهرت أولى النظريات العلمية التي تقرر أن للكون بداية وعمراً محدداً مع دراسات الديناميكا الحرارية في القرن التاسع عشر ، والتي تقرر أنه يلزم من أزلية الكون أن يكون قد وصل إلى مرحلة التوازن الحراري بما يمنع حدوث أي تفاعل حراري جديد ، لتمتنع بذلك الحياة وحيث أن هذه النظرية تخالف المشاهد في الكون فلم يكن لها حظ في الظهور .
قدم "اينشتاين" بعد ذلك سنة 1917م أنموذجه القائم على النظرية النسبية العامة ، واضطر أن يعدّل في معادلاته لتتوافق مع نظريته في (الكون الساكن) التي تقرر أزلية الكون ، إلا أن عالم الأرصاد الجوية (الكسندر فريدمان ) اكتشف خطأ حسابيا بسيطاً في معادلة اينشتاين ، وبتصحيحه تنتهي معادلة (اينشتاين) إلى كون غير مستقر
قبل اينشتاين صرح (فستو سلفر ) عام 1914 في اجتماع للإتحاد الفلكي الأمريكي اكتشافه (صدفة) أن عدداً من السدم يبتعد عن الأرض بسرعة عالية جداً ، ولم يلق المجتمعون لكلامه بالاً .
إلا أن شاباً اسمه (أدون هابل) اهتم بمعرفة سر هذه الحركة الفلكية غير المعروفة . وقد تمكن من تحقيق حلمه من خلال المرصد الذي بني حديثاً على جبل (ويلسن) فقد استطاع أن يصور أحد السدم ، وتمكن بذلك من التأكد من صدق ملاحظة (سلفر) ، غير أنه اكتشف أن المجرات هي أيضاً تبتعد عن الأرض .

85

نظرية الانفجار العظيم :

في نفس تلك الفترة أي في العقد الثالث من القرن العشرين قدم العالم البلجيكي "جون لوماتر " فرضية بداية الكون المتوسع من خلال انفجار عظيم وسماها (نظرية الذرة الأولية) غير انها انتشرت باسم (الانفجار العظيم ) ((وهي عبارة قالها ساخراً أحد الملحدين في مقابلة مع إذاعة bbc  وانتشرت بعد ذلك )) واطلقه عليها أيضاً (فريد هويل ) سنة1949م وكان قد اكتشف توسع الكون قبل هابل ونشر في ذلك مقالاً سنة 1927م ، كما توقع أن تدل الأشعة الكونية تاريخ الكون في أوله ، وقد افترض أن الكون المتوسع كان منقبضاً في بدايته في نقطة واحدة ، انفجر منها بعد ذلك ، وكانت حرارة الكون في بدايته عالية جداً .
دلت معادلات اينشتاين وحلول ألكسندر فريدمان أن الكون في بدايته كان أشبه بالفرن الساخن جداً حيث تبلغ درجته ملايين الملايين ،ثم بدأ في التبرد التدريجي بعد ذلك ، وقد قام الفيزيائي الروسي جورج جاموف بوضع سيناريو لتاريخ الكون منذ بدايته انطلاقاً من ذلك ، وكانت المفاجأة الأكبر هي اكتشاف (اشعاع الخلفية الكونية الميكروي ) سنة 1964م ، بما أثبت صدق توقعات جاموف التذي تنبأ نموذجه التاريخي بوجوده ،  وقد نال ارنو بنزياس و روبرت ويلسن بسبب هذا الاكتشاف جائزة نوبل سنة 1978م.
وتأكد هذا الكشف مرة أخرى بتحليل نتائج مسبار cobe ونال صاحبا التأكيد جائزة نوبل سنة 2006م ، ويعبر هذا المسبار علامة على تطور دقة الأبحاث الكونية وكشف بدقة أعلى عن انتشار إشعاع الخلفية الكونية في الكون .
وقال اثر ذلك عالم الفيزياء جون ويلر كلمته المشهورة " من بين كل النبوءات الكبيرة التي قدمها العلم على مدى قرون ، هل كانت هناك واحدة أعظم من هذه ؟ : أن تتنبأ وأن تصيب في تنبئك وأن يكون تنبؤك ضد كل التوقعات لظاهرة رائعة مثل توسع الكون ؟ !"
87

نظرية الحال الثابتة :

((على اثر توالي الاكتشافات الحديثة المؤيدة لنظرية الانفجار العظيم تهاوت نظرية : الحال الثابتة  لمشاكلها الداخلية و لم تقدم أدلة إيجابية على صدقها ومنها :
* عدم وجود مجرات قديمة جداً في محيط مجرتنا ، ينفي أن الكون أزلياً
* عدم  وجود مجرات صغيرة جداً في محيط مجرتنا ، ينفي الخلق العفوي المستمر .
*إشعاع الخلفية الكونية الميكروي المُدرَك  يتناسق تماماً مع تصور تبريد الكرة النارية البدائية ويتحدى قصة الكون كما تقدمها نظرية الحال الثابتة .
*وفرة الهليوم في الكون يتوافق ما تنبأت به نظرية الانفجار العظيم لا نظري الحال الثابتة .
وعلى اثر ذلك انصرف عن نظرية الحال الثابتة كثير من انصارها وانضموا لأنصار نظرية الانفجار العظيم ومنهم ارنو بنزياس القائل : لقد تبين أن نظرية الحال الثابتة قبيحة جداً حتى إن الناس لفظوها .
89

خيبة الملاحدة :

كان علماء الفلك حتى نهاية العقد الثاني من القرن العشرين أن الكون أزلي بلا بداية ، غير أن صعود نجم نظرية الإنفجار العظيم قلب الرأي العام العلمي إلى نقيضه بعدتراكم الأدلة الفيزيائية والرياضية على الإنفجار الخلقي الأول ، لقد انتهى العلماء بعد جهد وصبر إلى ما قرره عامة الللاهوتيين قبل ذلك بقرون ، وصور العالم اللاأدري (روبرت جسترو ) في موقف تخيلي ظريف في كتابه (الله والفلكيون ) : " تنتهي القصة بالنسبة للعالِم الذي عاش بإيمانه بقوة العقل ، كمناس سيئ ، لقد تسلق جبال الجهل ، ويكاد يقهر أعلى قمة ، وبينما هو يرفع نفسه إلى الصخرة الأخيرة ، يُفاجأ بتهنئة من جَمع من اللاهوتيين الجالسين هناك منذ عدة قرون "
89

أدلة نظرية الانفجار العظيم :

عرض عالم الفيزياء الفلكية الكندي / الأمريكي هيو روس ثلاثين دليلاً علميا على حدوث الإنفجار العظيم سأذكر فيما يلي بعضها :
1.    وجود إشعاع الخلفية الكونية وحرارته
قدر رالف ألف و روبرت هرمان منة 1948م أن تبرد الكون سيكون بعد الانفجارالعظيم سينتج أشعة كونية بحرارة (5 كلفن ) (-455(f  وفي عام 1965م  تم قياس هذه الأشعة وكانت حرارتها تقريباً 3 كلفن (457-(f وهي قريبة جداً من النسبة المتنبأ بها .
2.    طابع الجسم الأسود لإشعاع الخلفية الكونية :
الاختلاف بين طيف الإشعاع الكوني الخلفي المتنبأ به والمكتشف لاحقاً بلغ أقل من 0.03% على طول مدى الموجات المدركة .
3.    نسبة التبريد لإشعاع الخلفية الكونية :
تتنبأ (نظرية الانفجار العظيم ) أن الإشعاع الكوني كلما كان أطول عمراً كلما كان أبرد ، وكلما عدنا إلى الماضي من خلال قياس الإشعاعات الأبعد كلما ارتفعت حرارة الإشعاع ، وهو ما أثبته العمل المرصدي .
4.    التماثل الحراري لإشعاع الخلفية الكونية :
الاختلاف الحراري بين الإشعاعات الكونية من مختلف الجهات لا يتفاوت إلا بقدر جزء واحد من عشرة آلاف ، وهو ما لا يمكن أن يفسر إلا بأن الإشعاعات الخلفية تعود إلى حدث خلق كوني أولي حار جداً .
5.    تموجات الحرارة في إشعاع الخلفية الكونية :
لابد أن تبلغ التموجات الحرارية في خريطة إشعاع الخلفية الكونية درجة تقارب الواحد من عشرة آلاف حتى تتكون المجرات وعناقيد المجرات من انفجار خلقي عظيم . وقد تم رصد هذه التموجات بالنسبة المتنبئ بها .  
6.    قوة طيف التموجات الحرارية في إشعاع الخلفية الكونية :
أكدت تجربة بوميرانج في ابريل 2000م درجات الطيف الحراري لإشعاع الخلفية الكونية المتنبإ بها
7.    معدل التوسع الكوني :
أظهر قياس سرعة المجرات أن توسعاً كونياً قد بدأ في زمن قريب من الزمن المحدد للانفجار العظيم .
8.    المدارات المستقرة للنجوم والكواكب :
المدارات المستقرة للكواكب حول النجوم ، وللنجوم حول نواة المجرة لا يمكن أن تثبت مادياً ‘لا بعد توسعات كبيرة وسريعة ثلاثية الأبعاد في المكان .
9.    وجود الحياة والإنسان :
لا بد من نظام شمسي مستقر لوجود الحياة والإنسان ، وهو ما لا يمكن أن يكون في غير سيناريو الانفجار والتبريد التدريجي الذي تنبأت به نظرية الانفجار العظيم .
10. وفرة الهليوم في الكون :
يتنبأ نموذج الانفجار العظيم أن يتحول ربع الهيدروجين في الكون إلى (هليوم) في الدقاق الأربع الأولى للخلق . الاحتراق النجمي هو المصدر الوحيد الآخر للهليوم وقد قاس العلماء نسبة كثافة الهليوم في السحب الغازية والمجرات التي ليس فيها البتة نجوم تحترق أو فيها فقط قليل من ذلك ، وحددوا بذلك نسبة الهليوم الأولية ووجدوا أنها قريبة جدا ًمما تنبأت به النظرية .
11. وفرة الديوتريوم في الكون :
الانفجار العظيم هو فقط القادر على إنتاج الديوتريوم أي الهيدروجين الثقيل ، أما ا لنجوم فتدمره ، وقد أثبتت قياسات الديوتريوم في السحب الغازية والمجرات التي ليس فيها البتة نجوم تحترق أو فيها فقط قليل من ذلك أنه يلزمنا أن نقر أن الكون يعود في أصله إلى انفجار أول  .
12. وكذلك وفرة اللثيوم في الكون : لنفس التعليل السابق
13. حجج النسبية العامة :
أثبتت نظرية النسبية العامة صحتها مراراً وتكراراً ، ولا تصح معادلاتها إلا في كون له بداية وله طبيعة تمددية .
14. الأعمار النجمية :
وفقاً لنظرية الانفجار الكبير ، ستتكون أنواع مختلفة من النجوم في حقب مختلفة بعد الخلق ، وتُخبر الألوان ودرجات حرارة أسطح النجوم عن زمن بداية احتراقها ، وقياس أعمار هذه النجوم يتوافق مع نظرية الانفجار العظيم ، ومع بقية قياسات الزمن إلى بداية الانفجار .
15. أعمار المجرات :
طبق نظرية الانفجار العظيم ، لا بدّ أن تتكون المجرات في بدايات الكون ضمن البلايين الأربعة الأولى ، وهو ما يوافق قياسات العلماء .
16. انخفاض في ازدحام المجرات :
تنبأت النظرية أن المجرات تتباعد عن بعضها البعض على مرز الزمن ، وقد أثبتت صور مرصد هابل ذلك وكأنها حرفياً تفك أذرعها الحلزونية عن بعض .
17. صور تاريخ الكون :
تنبأت النظرية أن جميع المجرات نشأت في أوقات متقاربة ، ولما كانت المجرات تغيّر شكلها بصورة دراماتيكية مع تقدمها في العمر كان شكل أقدمها غير شكل أحدثها وهو ما أثبتته صور المرصد هابل .
18. البريليوم والبورون
ما تنبأت به النظرية من توفر ((الغازين)) المذكورين في النجوم الهرمية توافق مع كشوفات الفلكيين .
19. كثافة الثقوب السوداء
الكون الناتج عن انفجار عظيم متوقع ينتج عن احتراق نجومه بعد بلايين السنين عدد صغير نسبياً من (الثقوب السوداء ) وعدد أكبر من النجوم النيوترونية في كل مجرة ، ومن المتوقع أيضاً أن تنتج المجرات الكبيرة ثقوباً سوداء في مركز لبها ، وقد كشف العلماء الثقوب السواء والنجوم النيوترونية وكثافاتها ومكانها .
20. تشتت عناقيد المجرات النجمية :
تنبأت النظرية أنه مع توسع الكون ستنتثر في الكون أنواع مختلفة من المجموعات النجمية والمجرية بدرجات محددة تتزايد مع الوقت وتتنبأ أيضاً أن المجموعات النجمية الأكثر كثافة لن تتشتت ، ومع ذلك ستتطور السرعات المدارية لنجومها حول مركز المجموعة في وضع معين كشف الرصد الفلكي عن هذه التطورات في تاريخ الكون .

95
عندما يكشف الالحاد عن قناعه :
((اختار الالحاد الجديد الذي طالما تشدق بالعلم ، المخالفة الصريحة للإكتشافات العلمية والذي قررته الهيئات العلمية الكبرى ، ليكشف عن قناع زائف بدعوى العلم ))
كان اينشتاين أول من امتعض من ذلك ، وسبق أن بنى نظريته أن الكون بلا بداية غير أنه عاد وأقر رغماً عنه بخلق الكون حتى تستقيم نظريته بعد نشر (هابل ) لكشفه عن الانزياح نحو الأحمر .
وقال (روبرت ويلسن ) أحد مكتشفَي إشعاع الخلفية الكونية الميكروي وكان من أنصار الحال الثابتة عن أثر الكشف العلمي على عقيدته ، بقوله : "لقد أحببت فلسفياً نظري الحال الثابتة ، وعليّ بوضوح أن أتراجع عن ذلك "
ونفس الشيء للفيزيائي البريطاني دنيس شياما (ت1999م) تحول من مناصرته لنظرية الحال الثابتة لمناصرة نظرية الانفجار العظيم بل من أهم المنافحين عنها . بل صرّح أنه كان يتمنى أن تكون نظرية الحال الثابتة صحيحة ثم قال :"لكن لما تراكمت الأدلة ، اتضح بجلاء أن اللعبة قد انتهت ، وأنه يجب التخلص من نظرية الحال الثابتة "
فالعلم  كشف  نفاق الملحدين

99
ماذا لو ثبت بطلان نظرية الانفجار العظيم ؟
((عندما دحضت الأدلة العلمية الملحدين حين أظهرت أن الكون حادث وبالتالي لا بد له من محدث بل وحددت بداية حدوثه ، لجأوا إلى استغلال جهل العامة ببعض الألفاظ فقالوا ان الأمر لم يعد إلا أن يكون نظرية قد يثبت العلم بطلانها ! )) فنقول :
أولا : النظرية في المفهوم العلمي طبقاً لتعريف الأكاديمية القومية الأمريكية للعلوم : هي " تفسير موثق بصورة جيدة لبعض جوانب العالم الطبيعي من الممكن أن يضم حقائق وقوانين واستدلالات ، وفرضيات مختَبرة " .
وبإمكاننا أن نقول في ضوء مطابقة نظرية الانفجار العظيم للشواهد المادية والرياضية للكون : إن سيناريو النظرية موثق بالقرائن العلمية المدعومة بالنبوءات الصادقة للعلماء ، وهو بذلك تفسير علمي مدلل عليه لنشأة الكون .
ثانياً : ليست نظرية الانفجار العظيم هي الدليل العلمي الوحيد لخلق الكون فهناك أدلة كثيرة نعرض لها فيما يلي :

101-105
القانون الثاني للديناميكا الحرارية :
يحتل هذا القانون مكانة علمية عالية عند العلماء حتى قال علم الكسمولوجيا (ادنجتون) كل نظرية تتعارض معه مصيرها الزوال .
ومن لوازم هذا القانون : أن الكون يتجه إلى فقد طاقته ، ويتحول بصورة عفوية من الحرارة إلى البرودة وليس العكس ، ومن النظام إلى الفوضى ، فكل شيء يتحول من الأعلى إلى الأدنى . إنه بعبارة  أخرى قانون الفساد في الكون .
وهي الحقيقة التي الزمت اينشتاين أن يقول بكل ثقة : إنه لا يمكن أن يتم إبطاله في يوم ما .
فالكون يستهلك طاقته على مدى الزمن بما يجعلها تتناقص يوماً بعد يوم ، فحقيقة تناقص الطاقة عبر الزمن دالة على أن له بداية بدأ منها استهلاك الطاقة ،  وستستمر في التناقص حتى تنفذ . فدل على أن لهذا الكون بداية محددة كما أن له نهاية محددة .
ويقول الفيزيائي اللاأدري  بول ديفيس(: ( اللاأدري مصطلح يطلق على  من لم يؤمن بالله سبحانه ولم ينف وجودة )) لا يمكن لنجم أن يستمر في الاحتراق إلى الأبد ، إذ لا بد أن ينفد وقوده .... (الى أن يقول )  وسواءً قبلنا كافة التفاصيل أم لم نقبل فالفرضيات الأساسية بوجود نوع من خلق ما تبدو قاهرة من وجهة نظر العلم ...
النظرية النسبية لأينشتاين :
وهي نظرية ثبت صدقها عبر الزمن ، والنظرية تقود إلى كون غير مستقر في حجمه ((متوسع)) فاضطر للهرب من هذه النتيجة البغيضة له أن يفترض سنة 1917م وجود ما سماه (الثابت الكوني) كإضافة لنظريته في النسبية العامة .. إلى أنه اضطر إلى التنازل عنها بعد اكتشاف مرصد (هابل) لتوسع الكون .
تمدد الكون :
وهو من أقوى الدلائل على نظرية الانفجار العظيم فيدل هذا التمدد أن هذا الكون يستحيل أن يكون أزلياً بلا بداية . ((إذ لوكان أزلياً لكان ثابتاً )) .
مفارقة اولبرز :
وخلاصتها ((لوكان الكون أزلي لكان ضوء النجوم منهمراً على الأرض حتى يضيئها ليلاً وذلك بتراكم وصول ضوء النجوم ليلاً إلينا ))

109
حقائق العلم وكشوفه لم تزد دعوى أزلية الكون (أي أنه غير حادث وبالتالي غير مخلوق ) إلا نكارة
109
من البدائل المطروحة التي ثبت فشلها النموذج المتذبذب  وخلاصته : أن الكون ينفجر ثم ينكمش بعدد لا نهائي وهي دعوى مردود عليها إذ لا دليل على انكماش سابق ولا انكماش لاحق  ، ثم يأتي سؤوال : متى كان أول انفجار ؟ يبطل الدعوة  من أولها !!
111
[التضحم الأزلي اقترح عالم الفيزياء الفلكية الروسي (اندري لند) ثلاثة نماذج للكون كلما فشل أنموذج انتقل لآخر فبدأ بنظرية التضخم الكوني ولما ثبت خطؤها انتقل لأنموذج " التضخم الجديد" ثم انتقل أخيراً ل " التضخم العشوائي" التي قال عنها (ارفن بورد والكسندر فلنكن) سنة 1994م في دراسة هامة لهما : كل نظريات التمدد بما في ذلك نظرية (لند) لا يمكنها أن تتلافى المفردة التي نشأ منها الكون .
112
نظرية الأوتار : وهي نظرية نالت شهرتها من طرافتها وغرابتها وهي تقرر أن الانفجار العظيم ثقب أسود بين انكماش سابق وتمدد لا حق  . تكوّن قبل الانفجار العظيم ثقب أسود في الفراغ الأزلي المستقر ! وقد أدى انهياره إلى ظهور النسب اللاحقة من الحرارة والكثافة وغير ذلك مما أدى إلى التوسع اللاحق .
ويكفي في نقدهها أن ليس عليها أي دليل مادي ، علاوة على تطرق الفيزيائيين لعدد من اللوازم الخاطئة التي تلزمه من هذا التصور .
112-118
نظرية التذبذب الفراغي ، أنموذج هاوكنغ : وغيرها من النظريات :
والرصيد الوحيد لأصحابها إما الإمكان الرياضي أو الامكان الفيزيائي ولا أدلة لهم عليها اطلاقاً ، وتحديد بداية شبه دقيقة لبداية كوننا دليل قوي ضدهم لم يستطيعوا أن يردوا عليه .
119
الانتصار البرهاني للانفجار العظيم :
لازالت نظرية الانفجار العظيم صامدة رغم الهجمة الشرسة التي شُنت عليها ، من قبل القائلين بأزلية الكون ، ولم تزد الكشوف العلمية الحديثة هذه النظرية إلا صلابة ، حتى قال (لورانس كراوس ) في اغسطس 2013م " أنا واثق أن لكوننا بداية ، لكنني لست على يقين من ذلك ... بناء على ما أعرفه من علم الفيزياء . علي أن أقول إن بداية ا لكون امكانية راجحة " 
120
حقيقة الخلاف : النقاش الدائر اليوم بين المؤمنين وجل الملاحدة ليس في حقيقته ـــ حول نشأة كوننا من انفجار عظيم ، وإنما حول ما إذا كان الانفجار العظيم هو بداية كل شيء أو أنه جزء متأخر من سيناريو أزلي .
120
الفشل العلمي لإثبات أزلية الكون :
ذهب الكوسمولوجيون الماديون إلى كل الاحتمالاات المتصورة عقلاً وهي :
أ) الكون نشأ من عدم ، لكن هذا العدم وجود مادي ، وهذا تناقض .
ب) كوننا هو الوجود المادي الوحيد لكن هذا الوجود يُجدد نفسه كل مرة ، وهي دعوى باطلة من أوجه ، ومن أهمها تعارض ذلك مع القوانين الفيزيائية بما لا يسمح برد الكون نفسه إلى الوجود مرة أخرى أو مرات لا متناهية
ت)كوننا جزء من كون أُم ، وهو تصور لا دليل مادي عليه لقصور آلة معرفتنا عن تخطي حدود كوننا ، وبالتالي فكل ما يقال هنا محض خيال .
122
نقص التصور العلمي والتاريخي :
النظريات المخالفة لنظرية الانفجار العظيم ينقصها الاثبات التاريخي من خلال بقاء
123
الملاحدة فروا من دليل الخلق ليقعوا في دليل الإبداع :
((كل من أراد أن ينفي الخلق من العدم وقع من حيث لم يُرد بحماس غير مقصود في دليل الإبداع في الخلق من حيث تقريرهم وجود كون قائم مضبوط ومحكم قائم بقوانين دقيقة تسمح له بالبقاء والتحرك وربما التضخم ))
124
ثلاث حقائق ثبتت على نحو علمي دقيق ه ي :
1ـ الكون نشأ بمادته وطاقته وزمانه من العدم .
2ـ التوازن الدقيق بين المادة والطاقة عند نشأة الكون حتى لا يتقلص إذا غلبت الجاذبية أو تتبعثرالمادة إذا كانت الجاذبية أقل من المطلوب بعد الانفجار .
3ـ يحتاج الكون في بدايته الأولى إلى توازن  دقيق جدا ًبين عناصره الكثيرة دون أن يكون هاك أي ارتباط بينها ولا تواصل .
هذه الحقائق فصيحة في دعوتها العقول إلى الإقرار بأن كوننا صنعه خالق بالغ الحكمة عظيم القدرة تتكسر الظنون المادية التي تزعم أن الكون ليس إلا مادة وطاقة أزليتين عابثتين !.
124
توافق نادر للدليلين الفلسفي والعلمي :
انتهى البحث العلمي اليوم إلى تأييد الدليل الفلسفي على خلق الزمان وهو ما يعني أن المؤمنين بالله يجمعون اليوم لأول مرة في التاريخ طرفي برهان الخلق العقلي والعلمي .































































































































































































































































































































127
فمن خلق الله :
يطرح الملاحدة سؤال فمن خلق الله ؟ ولعل أهم الأسئلة التي تستدعي النظر هي :
·      هل وقع الملحد في أغلوطة الفئة ؟
·      هل تورط المؤمنون في أغلوطة التركيب ؟
·      هل يعجز العقل عن تصديق وجو من لا بداية زمنية له ؟
·      بماذا يَفضُل جواب أوليةالله ـ سبحانه ـــ دعوى أ,لية المادة ؟
·      هل يدل البرهان العلمي بذاته على وجود الله ؟
·      كيف يخلق الله قبل ميلاد الزمن ؟ !
·      ماذا كان الله ـــ سبحانه وتعالى ــ يفعل قبل خلق العالم ؟
·      ماذا لو فشل الدليل (الكسمولوجي) عن الإجابة على السؤال ؟
128
أغلوطة الفئة :
وهي تتمثل في خلط الفئات بربط الشيء بغير فئته التي هو منها ، كالسؤال عن لون الروائح (لون رائحة البنفسج ؟ !) أو طعوم الألوان (طعم اللون البني ؟ !)
إن سؤال عن سبب وجود مسبب الوجود الذي وجوده حم عقلاً . هو سؤال عمّن أوجد المكان والتاريخ ، فكيف يكون له تاريخ ؟ ! إن السؤال عن سبب السبب الأول متناقض في ذاته لأنه يفترض إمكان مناقضة الشيء نفسه .
نحن نقرر أنه إن وجد الله فلا بد أن يكون بلا بداية . ونحن بذلك لا نفترض وجوده بدءاً ، وإنما ننكر على المنكر إنكاره حقيقة تعريف (الألوهية الخالقة) بفك ا لتلازم بين الألوهية والأزلية .
إن إنكارنا على الملاحدة هنا صياغتهم للإعتراض هو لبيان أنهم لم يفهموا معنى " الأه " الذي ننتصر لوجوده ، فإننا لا نخالف الملاحدة حاجة الإله إلى من يخلقه لو كنا نتبنى مذهب " الإله المخلوق " كما هي عقيدة بعض الأديان القديمة ، وإنما نحن نؤمن بخالق واجب الوجود يلزم من عدمه الزمني تناقض عقلي .
لذلك فالملاحدة لم يُحسنوا فهم الدليل ولذلك اعترضوا عليه بأمر ليس هو من حقيقته، كمن يعترض على اللون الأحمر طعمَه ، أو مفهوم الشك لونَه !
ثم إن الملاحدة يذهبون إلى أن المؤمنين بالله ينطلقون لإثبات وجود الخالق من دعوى أنه لا بد لكل شيء من خالق ، ومادام الكون شيئاً فهو مخلوق ، فهو محتاج إلى خالق ، وهم بذلك (المؤمنون) يقعون في التناقض . إذ إنهم قد قرروا في ابتداء استدلالهم أنه لا بد لكل شيء من سبب ، لكنهم استثنوا الإله رغم أنه شيء أيضاً .
وعرض الملاحدة هذا غير صحيح فلا يزعم الألوهيون أن كل شيء لا بد له من محدث ، وإنما هم يقولون : إن كل شيء حادث لا بُد له من محدث . والله ــــ سبحانه ـــ ليس حادث .

130ـ
قد يسأل مُعترض لماذا نحن في حاجة أصلاً للبحث ن الكائن اظلزلي أو المتعالي على الزمان ؟
فنقول له : الكائن الذي يفرض العقل علينا أن نسلم أنه واجب الوجود ،لا بد أن يكون بالضروة العقلية متعالياً على العلل المتناهية في الماضي .
وقد يعترض فيقول : لكنكم تتنكرون للدليل المادي بعد ذلك لإثبات وجود الله !
فيٌجاب بأن اعتراضه الأخير فاسد من ثلاثة أوجه :
1ـ افتراض الملحد أن استعمال التعليل المادي في مسألة ما يقتضي أن يطّرد في جميع المسائل ليس بمسلم لأنه لا بد أن تتوافق طبيعة الدليل مع طبيعة الموضوع ، فقد أوصلنا البرهان المادي إلى أن للمادة بداية ، ولذلك علينا أن نتعامل مع نشوء المادة من عدم (خارج قوانين المادة ) لأنه لم تكن مادة أصلاً حتى يكون لقانونها وجود .
2ـ يفترض الملحد أن الدليل العلمي هو الدليل الوحيد المقبول ، وهي دعوى لا تسلّم له لأن الدليل العقلي له محل في هذا النقاش ، بل له اليد العليا . واستدلالنا لوجود الله قائم على البرهان العقلي ثم تأكيده بالدليل العلمي من باب التثبيت لا الإنشاء .
3ـ ينكر الملحد ــ ضمناً ــ أن يكون فوق القوانين خالق خلقها ، وذاك ظاهر من افتراضه أزليتها ، وهذا المبدأ ليس بمسلّم ، فمن المسلّم به أن هذه القوانين ممكنة الوجود وليست واجبة الوجود ، ثم إن طبيعة عملها كاشفة أن وراءها خالقاً مبدعاً .
134
مشكلة الأول الذي ليس قبله شيء .
يتفق العقلاء أنه لا ينشأ شيء من لا شيء ، وبالنظر للكون نعلم أنه ليس أزلياً لأنه لا يحمل شروط الأزلي ، ولو افترضنا أنه سُبق بكون آخر كان وانتهى فسيكون ذاك الكون له بداية أيضاً ومن الممكن أن نستمر في تصوّر أكوان سابقة ، ولكنها ستكون كلها مخلوقة ضرورة لأن لها نهاية ، وما كانت له نهاية فله بداية . ولا حل لهذا التسلسل إلاً بأن نفترض كائنا أول لا بداية له ، أي متعال على الزمان ، إذ الزمان نفسه مخلوق ومن إرادة هذا الأول نشأ العالم . وهو الذي نسميه نحن " الله " سبحانه .
قولنا إذن : إن الله ضرورة لا أوّل له ليس مصادرة على المطلوب وإنما هو إذعان للمطلوب عقلاً بتقرير أنه إذا كان لا ينشأ شيء عن العدم المحض ، كان علينا المسير إلى القول بوجود كائن لا أوّل له .
للملحد أن يقول : المادة هي هذا الأول ، وللمسلم أن يخالفه بالقول : إنّ الأوّل هو الله ، ولكن على كل منهما أن يستظهر بينته .
ليس الإشكال بين الملحد والمؤمن حول شرعية التساؤل عن الحقيقة النائية ، وإنما حول سؤال : " ما هو الحقيقة التي تعتبر نهائية ؟ " الحقيقة النهائية للملحد هو الكون والحقيقة النائية للمؤله هي الله "
135

إشكال أن العقل البشري لا يمكن أن يتصور شيئاً لا أول له :

لا ريب أن العقل البشري لا يستطيع أن " يتصوّر " كائناً لا اوّل له ، لكن علينا هنا أن نميّز بين " التصوّر " "والتعقل " فالتصور هو أن تنشئ  للشيء صورة في الذهن ، في حين أن التعقل  أن تقبل أن هذا الشيء موافق للعقل أو لا يخالف ضرورات العقل .
العقل البشري إذن لا يتصور وجود كائن لا أول له ، ولكنه يتعقّل وجود ذلك . وذلك لأن تصوره محدود بالزمن ، فالعقل يتصور أن كل لحظة مسبوقة بلحظة سابقة في سلسلة ممتدة إلى ما لا نهاية .
فالنتيجة : أن العقل يعجز عن تصور معالجة مشكلة الزمن ، لأن العقل محدود بالزمن ، فهو يفكر ضمن آليات الواقع البشري المعيش : " الآن " " القبل " البعد "
137
كيف نتجاوز هذا الإشكال ؟
لا بد أن نرجع إلى " تعقّل " العقل لا إلى " تصوّر " العقل ، لأن التصور محدود بالبيئة والمألوف ، في حين أن التعقل قائم على مجموع قواعد مجردة .
137
دليل عقلي محكم على وجود خالق :
إن من مبادئ التعقّل أنه لا يستقيم أن يوجد الشيء دون موجد له ؛ فإن هذا الموجد إما أن يكون :
1ـ خارج الشيء .
2ـ أو الشيء ذاته .
3ـ أو لا وجود لموجد
قال تعالى " أم خُلقوا من غير شيء أم هم الخالقون " ؟
الاحتمال الثاني مرفو ض بداهة لأنه يقتضي أن يوجد الشيء قبل ذاته ليوجد ذاته .
الاحتمال الثالث : أوضح منه بطلاناً ؛ إذ إن خروج الشيء من العدم إلى الوجود دون سبب يناقض بداهة قانون السببية .
النتيجة : لا بد من أن يكون هناك شيء موجود بلا بداية . ويبقى الجدال عندها محصوراً في معرفة هذا " الأول"
ولا نجد غير احتمالين : الله ــ سبحانه ــ أو المادة .
فالنتيجة : أن المؤمنين والملحدين على السواء متفقون على وجود من لا أول له .
والسؤال : هل من الممكن أن يتصور عقل الملحد هذه المادة التي لا أول لها ؟
والجوال : أنه لا يستطيع تصوّر ذلك ؛ لأن عجزه هذا هو سبب عدم إيمانه بالله .
والنتيجة الكبرى : سقوط سبب استنكار الملحدين في  رفض أزلية الإله ، لأن لا حل له سوى القول بأزلية المادة !
وهذا العجز لا يوجد لدى المؤمنين بوجود الإله خصوصاً في هذا الزمن الذي تطور فيه علم الفيزياء الكوني الذي قدم تصوراً نموذجياً لزمان ومكان مخلوقين .
ولا شك أن القول بأزلية المادة التي تخلق نفسها تصور فاسد سبق مناقشته ، ويقود إلى إشكالات أكبر ، ليس أقلها هذه المادة  بالغة الذكاء .
142
هل يعقل أن الكون خلق صدفة ؟ (قانون الاحتمالات يبطل احتمالية نشأة الكون صدفة )
المنطق الرياضي قاض أن احتمال نشوء الكون على صورته المعروفة يعادل الصفر الرياضي ؛ إذ إنّ عدد الأصفار المتراكمة يمين الرقم 1 في هذه النسبة الاحتمالية لنشأة الكون على صيغته المنظمة الأولى أكبر من عدد ذرات الكون كله ، بل أكبر من عدد مكونَي الذرة : البروتونات والنيوترونات . وحديثي هنا هو عن الأصفار الموجودة في النسبة الاحتمالية المكتوبة وليس عن حجم الرقم نفسه فتدبر !
142
علم الأحياء يبطل احتمالية نشأة الكون صدفة :
يقول (روبرت شبيرو) عالم الأحياء الدارويني وأستاذ الكيمياء المتخصص في الحمض النووي (DND) في جامعة نيويورك ، احتمال نشوء بكتيريا واحدة بسيطة (جسم الإنسان يضم مئتي الف نوع بكيريا) بالصدفة . النسبة الاحتمالية كانت(10) اس (40000) أي رقم واحد وعلى يمينه أربعين الف صفراً ، وهو أمر لا نظير له في الكون ، وقد علق (شندرا وكرواماسنغ ) عالم الرياضيات التطبيقية والفلك على هذه النسبة الاحتمالية المفاجئة بقوله :إن هذا الرقم هائل بصورة كافية ليفن (دارون) وكامل نظرية التطور ...
142
يقول عالم النفس (كارل شترن) المحلل النفسي الذي ترك الإلحاد : القول في التصور الإلحادي لنشأة الحياة على الكون من تفاعلات مادية صماء على مدى أطوار متعاقبة :" الإيمان أن عالمنا المدهش من الممكن أن يكون قد تطور بالصفة العمياء هو جنون ، وأنا لا أقصد البتّة الجنون بالمعنى الشتائمي ، وإنما بالمعنى العلمي للإضطراب العقلي ، حقيقة في مثل هذه الرؤية تشابه كبير مع بعض خصائص التفكير الشيزوفريني الفصامي .
143

دعوى أصحاب مذهب (العلموية ) :

يعترض أصحاب مذهب العلموية وهم الذين يرون أن الطريق الوحيد لإثبات الحقائق هو العلم فقط ، وهو مذهب فاسد للدليل الآتي :
1ـ لم يثبت صحة دعواه هو أن العلم هو الطريق الوحيد للمعرفة فكيف يطالب بها غيره ؟ .
2ـ العلم نفسه مدين للمقررات العقلية البدهية التي تقر له أساسيات العمل النظري والتجريبي ، وهذه المقررات تسبق العلم المادي ولا تعقبه ، ومن ذلك : أن الجزء أصغر من الكل ، وأن الخطين المستقيمين لا  يلتقيان ، كل الزوايا القائمة متطابقة .... فهذه قضايا سابقة للعلم وهو يستند عليها ، وهي قضايا يسلم بها العقل مباشرة دون برهان ودليل .
3ـ العلم لا يتعامل إلا مع المادة والطاقة وقوانينهما أي القياس والوزن والحس .... الخ والله سبحانه غير ذلك .وفوق ذلك .
إذاً  فالله سبحانه متعالٍ عن القانون التجريبي وهو مُدرك بالعقل ، فقد أثبت الدليل العقلي وجود الأول بالغ القدرة والحكمة ، ولا دليل من العلم على نقض هذا التقرير .
والعلم يمنحنا مقدمات جيدة في بناء استنباط عقلي  دال على وجود الله سبحانه مثل :
أ) لا ينشأ شيء من لا شيء .
ب) الكون نشأ بعد الم يكن = الشهادة العلمية .
ج) الكون نشأ من شيء غير مادي لأن الكون هو كل المادة .
د) خالق الكون هو ذات قديرة أنشأت الكون من العدم ، وبديعة  أحسنت  تنظيمه  وترتيبه .
ج) الله خالق الكون لأنه من تنطبق عليه جميع  أوصاف خالق الكون .
145

كيف يخلق الله الكون قبل الزمن ؟

يقول المعترضون : كيف يخلق الله الكون في الزمن رغم أن الزمن لم يوجد بعد ؟
ويُجاب عنه  أنه لا يمنع عقلاً أن يتزامن خلق الكون مع خلق الزمن في  آن واحد
146

ماذا كان الله ــ سبحانه ــ يفعل قبل خلق العالم ؟

ويزيد الملاحدة على السؤال السابق فيقولون : إذا كان الله أزلياً وكان الكون مخلوقاً فلم اختار الله زمانا ًدون غيره للخلق ؟ ألا تستويا لأزمنة كلّها في الزمن الأزلي ؟
وجواب الاعتراضين السابقين : أن الله ــ سبحانه ــ ليس موجوداً في زمان ، وإنما هو ــ سبحانه ــ متعال على الزمان ؛ إذ هو مًُزَمِّنه ، فقد خلق الكون المادي وخلق بخلقه الزمان ، فالمادة والزمان متساوقان وجوداً وعدماً .
فالزمان لا وجود له في ذاته وإنما هو عرض للكون المادي المتغير .
فإذا كان  الزمان مخلوقاً والزمان هو الذي يقبل " القبل" و " البعد " فلا معنى للحديث عن فعل الله " قبل " الزمان ؛ لأنه لا "قبل " قبل " البدء " .
وهذا الكلام  يصدق على القول : إنّ عالمنا هو أوّل العوالم أو أنه مسبوق بعالم زمني آخر .
جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :" كان الله ولم يكن شيء غيره ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ، وخلق السموات والأرض " رواه البخاري .
نقل ابن حزم الإجماع على مخلوقية كل شيء ، فقد قال في كتابه مراتب الإجماع : اتفقوا أن الله وحده لا شريك له ، خالق كل شيء غيره ، وأنه تعالى لم يزل وحده ،ولا شيء غيره معه ، ثم خلق الأشياء كلها كما شاء ، وأن النفس مخلوقة والعرش مخلوق والعالم كله مخلوق "
147

إذا فمن خلق الله ؟ :

يقول عدد من الملاحدة  ومن أبرزهم (ريتشارد داوكونز) مادام المؤلهة لا يستطيعون الإجابة عن سؤال فمن خلق الله ؟ " فبالتالي يصبح إيمانهم بالله غير مبرر !! ويريد إجابة بالدليل " الكسمولوجي " أي الدليل "الكوني "
ويجاب عليه من وجهين :
((الأول : كما أن من أدلة الكسمولوجيا دليل الإثبات فمن أدلته دليل " الإمكان " فيستدل به لإثبات أن وجوده ــ سبحانه ــ واجب عقلاً ، ولا يتنافى مع قوانين الكون بل أن قوانين الكون تتطلب وجوده .))
الثاني : إن لم يؤمن الملحد بالدليل السابق ؛ فليس هو دليل المؤلهة الوحيد بل هناك أدلة إثبات أخرى كثيرة جداً مثل : دليل تصميم الكون للحياة ، وتصميم ا لكائنات الحية ، وهداية الكائنات (الغريزة) ، والدليل الأخلاقي ، ودليل الوعي ، ودليل معقولية الكون ، ودليل الجمال ، ودليل القرآن ، ودليل معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم .  ....
154

هل يشترط تفسير التفسير  ؟

((بمعنى هل يشترط  لكل شيء لنؤمن به ونصدق بوجوده أن نعرف علته ونعرف علة العلة ... الخ وما شكلها وكنهها وشكلها ... الخ ؟ ))
يتفق المتخصصون في فلسفة العلوم أن اشتراط ذلك يقود إلى سلسلة لا متناهية من التعليلات  والتفسيرات ؛ ويقود إلى أن الإنسان لن يؤمن بشيء البتة ..
مثال ذلك : لو اكتشفنا آلة دقيقة الصنع في القمر نفهم من مكوناتها أن صانعها كائن ذكي ، وهذا وحده كاف لمعرفة صانعها ولا نحتاج أن نتعرف كيف وُجد صانعها ومن أوجده ... الخ
يعترض "بيتر لبتون" وهو أحد الملحدين على اشتراط الملحد " داو جونز " التفسيري فيقول : أتذكّر بوضوح لحظة اتّضح لي أنه مهما كانت إجابة أمّي عن آخر " لماذا؟ " أقولها بإمكاني ببساطة أن أردّ بأن أسأل " لماذا ؟ " عن الجواب نفسه حتى تنفد أجوبة أمّي أو ينفد صبرها ... ؛ بإمكاننا أن نعرف مثلاً ضعف المحصول أنه كان بسبب الجفاف حتى لو لم نفهم لٍم كان الجفاف ؟ ؛ وبإمكاني أفهم لٍمَ لَم تحضر الحفلة إذا أخبرتني بأنه أصابك صداع شديد حتى لو لم يكن لدي أي فكرة لِمَ أصابك الصداع  .
ونفهم بداية الكون أنه كان بسبب الانفجار العظيم حتى لو كان هلانجار العظيم نفسه غير قابل للتفسير ... الخ .
فالخلاصة : أن شرط " تفسير التفسير " يؤول ‘إلى ألاّ يُقر بتفسير .
164

تناقض الملحدين : (جعلوا  للكون نفسه صفات الخالق سبحانه) :

يقع الملحدون لا محالة في أن الكون خلق نفسه ؛ وبالتالي يستلزم قولهم أن الكون يملك قدرات الخالق سبحانه ؛ يقول "ورج إيرل " " إذا كان بإمكان الكون أن يخلق نفسه ، فإنه يلزم من ذلك أنه يحمل في ذاته قدرات الخالق الإله وعلينا عندها أن نستنتج أن الكون نفسه هو الله ، وبذلك لا بدّ من التسليم بوجود اله " ولكن على صورة خاصة للإله بأن يكون "فوق طبيعي" و"مادي " ، وأنا أفضل الإيمان بإله خلق كوناً مادياً متميزاً عنه ولكنّه خاضع له "
قال الله تعالى :" أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم ، والله يعلم ما تسرو وما تعلنون ، والذين يدعون من دون الله  لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ، أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ، إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون "
165

الهروب من المعلوم إلى المجهول !

عندما تساءل الملحدون : فمن خلق العالم  ؟ عندما قالوا بامتناع أن يكون الخالق هو الله لأن ذلك يقتضي أن يكون الخالق مخلوقاً هو أيضاً ؟
تساؤل يستحق الإجابة ، فلم يتجاوزوا إذا إلا الهروب إلى المجهول فقط .
إن على الملحدين وبالأخص زعيمهم (داوكنز) أن يثبت أزلية المادة ، وعليه أن يثبت أيضاً : كيف استطاعت المادة أن تنشء هذا الكون ذي التقادير المضبوطة ، دون ذكاء ! إذ المادة العمياء لا تملك استشرافاً للمستقبل ولا ذكاءً يصل لهذا المستوى العالي من الدقة ((ويكفي أن نعرف شيئاً من دقة الحمض النووي لأي مخلوق لنعرف عظمة التقدير الإلهي الذي ينكره  (داوكنز) وأمثاله .
((ولا يعدو كلامهم عن الأكوان المتعددة التي حدث منها "صدفةً " كوننا الصالح للحياة أقرب للنكتة من الحقيقة ، إذ لا تؤيده النظريات الرياضية ولا الفيزيائية كما تقدم ))
166

اله الصدفة بدل الإله الحكيم !

هل من العقل أن ينكر العقل الإله الحكيم ، ليقدّس اله الصدفة أو الصُدف ؟  وكيف يخرج المعنى من رحم العشوائية ؟ وينبت الذكاء من أرض العفوية ؟
170

نظرية الأكوان المتعددة ؟

((وهي نظرية تقول : نشأ أكوان متعددة كثيرة جداً جداً حتى صار واحداً منها بالصدفة صالحاً للحياة ، وفضلاً أن  هذا مستحيل حسب قانون الاحتمالات فإنه لا يجيب عن أسئلة من قبيل : لماذا وجدت الحياة ، ولا على سؤال : كيف وُجد هذا الإتقان والتكامل البالغ جداً جداً في الكون والحياة الذي يفوق الحاجة الأساسية في الحياة نفسها ؟ . إن وجود الحياة وبراعة الصنعة كما نراهما في كوننا دليل على وجود غاي وليس في  مجرد وجود أكوان متعددة ما يحقق هذه الغاية .
لقد افترض الملاحدة أن هناك أكثر من كون فراراً من دقة موازين كوننا التي تصل إلى درجة الإدهاش بما لا يمكن أن يُعزى لغير وجود اله حكيم قادر ))

172

تخبط نظرية التطور مع تطور العلم الحديث :

الأدلة العلمية الحديثة تسير عكس نظرية التطور ، إذ كشفت الحفريات الحديثة عن كائنات حية لم تتطور على مدى عمرها الطويل جداً ، ومنها بكتيريا عمرها يقارب البليوني سنة ، قالوا: إن عدم تطورها حجّة للداروينية لأنه لا تطور إذا لم تغير البيئة ، دون أن يدللوا على أن البيئة لم تتغير أو أنه يمكن للتطور أن يتوقف كل هذا العمر الطويل ! رغم أن الكائنات الحية الأخرى مطواعة جداً لحاجات البيئة إلى درجة أن الكائن الحي يمكن أن يغير حتى نوعه إلى نوع آخر تماماً .
وعندما كشفت الحفريات عن وجود أرجل مفصليات أعقد من مفصليات لا حقة لها بما يخالف نظرية التطور ادعوا أنه حصل تقهقر في الجهاز العصبي !!
173

الدارونية والحمض النووي :

لما اكتشف الحمض النووي الذي يدل دلالة قاطعة على دقة خلق الله سبحانه وتعالى ، لجأوا إلى القول أن الحياة قد جاءت من كوكب آخر على يد كائنات أخرى متطورة .
174

الدارونية والعقل :

دارون يعتبر من اللاأدريين " لا أثق في مقررات العقل في اثبات الله لأن المخ حصيلة تطور مادي للكائنات الدنيا " والسؤال الموجه له : كيف وثق في المخ والعقل في تقرير نظريته ؟؟ إنه الكيل بمكيال الهوى والمنى !!
176

هل مات العقل أم نُحر ؟

يقول الله تبارك وتعالى " وهو الذي أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نُخرج منه حباً متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشبه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون "
حين يدعو القرآن إلى التفكر واستخلاص النتائج من تدبر الكون إلى وجود خالق قادر حكيم ويجعل التدبر سبيل للوصول إلى أعماق الحقائق الكونية يأتي " الإلحاد الجديد" في المقابل في دعوة إلى تجاهل هذا الكون العجيب  .
180

من هو مبدئ العالم ؟ وما هي صفات من يسميه الفلاسفة الإلهيون " بالسبب الأول " ؟ :

" أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشبه الخلق عليهم قل الله خلق كل شيء "
·      ذات وليس شيئاً مجرداً : الاحتمال الثاني باطلٌ يقيناً لأن الأشياء المجردة لا تملك مشيئة ولا إرادة ، ولا قدرة على الخلق ففعل الخلق لا بُدّّ له ذات عالمه ، واعية ، مريدة للفعل ، ترجح جانب وجود الكون على عدمه .
·      متعال على الزمن :  إذا كان الزمن يعتبر أثر لجريان حوادث المكان ، فإنه بذلك لم يكن هناك زمن قبل المكان وبالتالي فإن هذا الخالق لا بُدّ أن يكون متعالٍ على الزمن فهو مزمنه .
·      متعال على المادية : إذا كان الخالق هو الذي أوجد المادة ، وكان " قبلها" فهو بذلك متعال عليها ، بائن عن خلقه ، وليس محلاً للحوادث ، فقد كان ولم يكن قبله شيء ، فلا يوصف لذلك بأوصاف المادة على حقيقة المادة التي نعرفها .
·      عظيم القدرة : خَلقُ العالم من العدم ، وإتقان صنع الأحياء والجمادات ، وبث القوانين المتقنة في هذا العالم بما أذهل العلماء الذين جعلوا همهم فك مغلقها وكشف أسرارها ، كاشف أن هذا الخالق تتجاوز قدرته في عظمتها عقول البشر .
·      عظيم العلم : تنظيم العالم على هذا الشكل البديع وهيمنة النظام والتكامل على بنائه ، حجة للاعتقاد أن علم هذا الخالق أعظم من أن نتصور جلاله .
·      عظيم الرحمة : خلق الإنسان في هذه الأرض توفير ما يحتاجه فيها من طعام وشراب ومتعة للحس والروح ، حجّة للاعتقاد أن هذا الخالق رحيم بخلقه يجود عليهم بما لا يستحقون .
·      اله واحد : ((افتراض أكثر من اله باطل من أوجه من أهمها ما أورده القرآن في قوله سبحانه " لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا فسبحان الله عما يصفون " إذ لا يمكن أن تتقابل ارادتان متضادتان ، ولا بد أن يكون لأحدهما الإرادة التي تمضي ، فيكون هو الإله ))
183

ما الدليل على أن هذا الإله هو من يسميه القرآن " الله " ؟

·      صفات الخالق السابق ذكرها تنطبق بدقة على الذات العليّة "الله" كما جاء في القرآن فهو سبحانه "ذات" فقد تكرر في القرآن نسبة المشيئة والإرادة والقصد لله سبحانه وأنه يفعل في المكان والزمان ، وهو الذي أرسل الرسل وأنزل الشرائع ونظم حياة الناس وحدد آجالهم ، وهو الذي يعطي ويمنع ، ويعفو ويرحم ولا يفعل ما سبق شيء مجرد ليست له صفة الذاتية كالمعاني والأفكار .
·      متعال على الزمان : قال الله تعالى " هو الأول والآخر " فأوليته دالة على أنه فوق الزمان ، إذ لم يسبق وجوده زمن .
·      متعال على المادية : قال تعالى "ليس كمثله شيء " ، ومن دلالات ألا مثيل له أنه ــ سبحانه ــ ليس مادياً .
·      عظيم القدرة :  قال تعالى "أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير " فالخلق من العدم ، والإبداع على غير سابق مثال وحسن التصوير والترتيب دليل على ذلك .
·      عظيم العلم :  " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " فقد رتب ــ سبحانه ــ الكون على صورة من يصنع ما يريد لغاية ما يريد ، ولذلك يظهر الكون متآلفاً متناغماً متناسقاً مما يدل على خالق عليم .
·      عظيم الرحمة : " ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم "
·      واحدً أحد :  القرآن من أوله إلى آخره دعوة إلى التوحيد ، وهو الكتاب الذي قرر أن عوة الأنبياء جميعا كانت إلى إفراد الخالق بتوحيد الألوهية المتضمن توحيد الخالقية قال تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا انا فاعبدون" .
ثانياً : القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لا ينسب للخالق صفات تخالف ما يمكن أن يهتدي إليه العقل من خبره ، ولا يقدم الإله على أنه ذات متحيّزة في مكان .
ثالثاً : القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يقرر أن الله واحد أحد وليس فرداً  من أسرة أو جماعة كما هو الحال في بعض الديانات اليونانية القديمة ، أو التاسوع المقدس للمصريين ، أو ثالوث النصارى ، هو ببساطة الإله الواحد الذي لا نظير له ولا شبيه " قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ، ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد "

رابعاً :  الدلائل العقلية والتاريخية والعلمية والنفسية ... وغيرها قائمة على أن القرآن كلام معجز وصادق وأصله سماوي حجة للقول إن خبره عن الذات الإلهية صادق ، ومن أفضل ما ألف عن هذا الموضوع كتاب د. محمد بن عبدالله دراز " النبأ العظيم "

هذا ما تيسر من مقتطفات من هذا الكتاب الجميل " فمن خلق الله " أسأل الله بمنه وكرمه أن ينفعني به وبمن قرأه ويجعله خالصاً لوجهه الكريم إنه سميع مجيب والله أعلى وأعلم وصلى  الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم

الخميس 13/6/ 1439هـ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقتطفات من كتاب : شموع النهار (إطلالة على الجدل الديني الإلحادي المعاصر في مسألة الوجود الإلهي)لمؤلفه عبدالله بن صالح العجيري

مقتطفات من كتاب : صناعة التفكير العقدي لعدد من المؤلفين