مقتطفات من كتاب : شموع النهار (إطلالة على الجدل الديني الإلحادي المعاصر في مسألة الوجود الإلهي)لمؤلفه عبدالله بن صالح العجيري



مقتطفات من كتاب " شموع النهار ـ اطلاله على الجدل الديني المعاصر في مسألة الوجود الإلهي "
لمؤلفه عبدالله بن صالح العجيري


ص
العبــــــــــــــارة
معلومات
يتكون الكتاب من :288 صفحة ويتضمن في نصفه الأول بيان دلالات وجود الله سبحانه وتعالى : الدلالات الفطرية وتتضمن (دلالات المبادئ العقلية ، والنزعة الأخلاقية ، والجانب الغريزي ، والشعور بالغاية ، والإرادة الحرة ) ثم بيان الدلات العقلية على وجود الله سبحانه ، وتتضمن (دلالة الخلق والإيجاد مع البراهين المتعلقة بها ) . وفي نصف الكتاب الثاني الإجابات على الاعتراضات الإلحادية على هذه البراهين والأدلة .
وقد وضعت المقتطفات في جدول وعنونتها بعناوين ورقمت رقم الصفحة من الكتاب حتى يسهل تناولها .
وقد كتبت هذه المقتطفات بعدما قرأت الكتاب ثلاث مرات ، وكررت قراءته مثلها وأكثر أثناء كتابة هذه المقتطفات.
وقد كتبتها في البداية لنفسي ليسهل علي استظهارها ومراجعتها فيما بعد ، ثم رأيت أن أضعها في مدونة أسهل للرجوع في كل وقت وليستفيد منها من يستفيد .
أسأل الله الكريم أن يجزي المؤلف خير الجزاء وأن ينفع بها قارأها وكاتبها إنه سميع قريب مجيب
10-11
وجود الله مغروس في الفطر : يقول ابن تيمية : (أصل العلم الإلهي فطري ضروري ، وهو أشد رسوخاً في النفوس من مبدأ العلم الرياضي ، كقولنا : إن الواحد نصف الاثنين ، ومبدأ العلم الطبيعي ، كقولنا : إن الجسم لا يكون في مكانين في وقت واحد لأن هذه المعارف أسماء قد تعرض عنها أكثر الفطر ، وأما العلم الإلهي فما يُتصور أن تُعرض عنه فطرة ) ويقول أيضاً في موضع آخر : (وهذا العلم يلزم نفوسهم لزوماً لا يمكنهم الانفكاك عنه ، أعظم من لزوم العلم الضر وري بالأمور الحسابية والطبيعية، مثل كون الواحد ثلث الثلاثة ، وأن الجسم لا يجتمع في مكانين ، وذلك أن ذلك علم مجرد ليسوا مضطرين إليه ، بل قد لا يخطر ذلك ببال أحدهم ، وأما هذا العلم فهم مع كونهم مضطرين إليه ، هم مضطرون إلى موجبه ومقتضاه ، وهو الدعاء والسؤال والذل والخضوع للمدعو المعبود ، الذي هو فوق ) ويقول في موضع آخر :(ليس الداعي لهذا العلم ــ أي الحسابي ــ قوياً في النفوس ، ولا الصارف عنه قوياً في النفس )
13
سبب تسمية الكتاب بهذا الاسم؟
إننا حين نطلب الدليل على وجود الله فكأنما نوقد شموعاً في النهار! فمعرفة الله وظهوره واضحة جليّة .
13-14
هل المبادئ العقلية تتعرض لشيء من الخلل ؟
مع الأسف أنه مع بدهيتها فإن كثيرين بعد قراءتهم لبعض المدارس الفلسفية آلت أمورهم للتشكيك في المبادئ العقلية الضرورية . 
17-18
تجربة أبي حامد الغزالي رحمه الله :
يحكي المؤلف تجربة مريرة لأبي حامد الغزالي حيث بدأ الشك في المحسوسات فبدأ الشك في البصر ، بحجة أنه يرى النجم الكبير كما لوكان بحجم قطعة النقود أو أقل فلا يوثق بحكمه ، وباقي الحواس غير البصر من باب أولى ، فالعقل يدل على أنها أكبر بكثير من الأرض فالعقل أولى بالموثوقية من البصر ، ثم بدأ بالشك في العقل وقال : كنت أثق في المحسوسات حتى تبين لي عدم موثوقيتها ، فكذلك العقل أنا أرى في النوم أموراً وأتخيل أحولاً ثم أستيقظ فأعلم أنها خيالات ( فشك في موثوقية العقل فلم يعد يثق بشيء حوله )، وحاول لذلك علاجاً فلم يتيسر له فأعضله هذا الداء ودام قرابة شهرين حتى شفاه الله تعالى من ذلك المرض العضال وعادت نفسه إلى الصحة وإلى الضروريات العقلية مقبولة موثوقة ، ولم يكن ذلك إلا بنور قذفه الله تعالى في صدره دون سعي منه أو ترتيب نظم وكلام كما أخبر عن نفسه .


فصل : (هل الإيمان بالله ضرورة حياتية ) ( الدلائل الفطرية على وجود الخالق سبحانه وتعالى )
24
تعرض الفطرة لما يفسدها :
مع الاعتراف بأن الفطرة حاصلة في النفس فقد يعرض لها ما يفسدها ويمرضها ، فترى الحق باطلاً كما في البدن إذا مرض ، فإنه يجد الحلو مراً ويرى الواحد اثنين
26
هل في الوحي دلالة على وجود الفطرة ؟
" فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله " وقال سبحانه :" صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون "
وقال e " ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، قل تحسون فيها من جدعاء ؟ "
وفي الحديث القدسي " إني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحرمت عليهم ما أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً .... " رواه مسلم .
" وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم ؟ قالوا : بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين "
" قالت رسلهم : أفي الله شك فاطر السموات والأرض ؟"


شهادة الواقع على فطرية المعرفة الإلهية
31
· إذا جاءت ساعة الحقيقة ظهرت الفطرة ، وأشارت الآيات التالية لشيء من هذا قال الله تعالى : "وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه " " حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيب وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين "
· أما في الأمثال فيقول المثل الغربي مشيراً لساعة الحقيقة هذه : " لا يوجد ملاحدة في الخنادق "
36
حنين الملحدين للطمأنينة التي كانوا يجدونها في الإيمان بالله :
· بدأ كثير من الملحدين في الغرب يضعون تجمعات لها طقوس تشبه تجمعات المؤمنين ، وأسسوا يوم الإلحاد العالمين ويوم الزندقة العالمي وجعلوه 30 سبتمبر من كل عام ، واختيارهم لهذا اليوم ليقابل اليوم الذي نشرت فيه بعض الصحف الدانماركية الصور المسيئة للرسول e.
· وأشار ابن القيم إشارة رائعة لهذا فقال :" وإن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله تعالى أبداً ، وفيه شعث لا يلمه غير الإقبال عليه "
37
هل الفطرة كافية في الدلالة على الله :
الدلالة الفطرية كافية في حد ذاتها في الدلالة على الله ، إلا إذا عرض لها ما يشوهها فإنها تحتاج لمزيد أدلة تردها لطبيعتها .


مستويات الدلالة الفطرية على وجود الله
41
الدلائل الفطرية الأولية مثل :
· الواحد نصف الإثنين ، الجزء أصغر من الكل ، الشيء الواحد لا يمكن أن يكون في مكانين مختلفين في وقت واحد ، لا يصير الشيء وضده معا (موجود وغير موجود ، أو حي وميت ، أو متحرك وساكن ...) ، و لا يمكن أن يوجد دائرة مربعة أو مستطيل مدور .
· وهي أشياء حسية ضرورية لا تحتاج لبرهنة ولا دليل ولا شرح ، بل شرحها وتوضيحها يعقدها .
43
وجودها في النفوس ابتداء يتطلب سؤالين اثنين :
· من أين تحصلت النفس عليها ؟
· من أين اكتسبت هذه الضرورات العقلية قيمتها الموضوعية المطلقة ؟
· فهي تحصل في النفس ابتداءً دون تعلم أو تعليم .
45
انكار بعض الملاحدة لهذه المبادئ الضرورية :
يذكر المؤلف قصة عجيبة لبعض الملاحدة معه ممن قرأ في كيماء الكم ، أنه فوجئ في نقاشه معهم بإنكارهم لهذه المبادئ العقلية الضرورية ، حتى يشاهدوها بعيونهم ويلمسوها بأيدهم ، فسألهم لو كان معنا برتقالة فقسمناها إلى اربعة أقسام ، فربع البرتقالة هل هو يساوي البرتقالة أو أكبر منها أو أصغر ؟ وفوجئ بهم يقولون لا نستطيع أن نحكم حتى تحضرها لنا ونشاهدها بأعيننا ، وضرب لهم مثالاً آخر لو أخذ مجلدا واحدا من فتاوى ابن تيمية فهل يكون أكبر أو مساوي لباقي المجلدات فقالوا :لا نحكم حتى نرى بأعيننا ، ثم سألهم عن فنجال القهوة هل هو يساوي دلة القهوة أم أصغر منها أم أكبر ، وكانت اجاباتهم واحدة : لا نحكم حتى نرى بأعيننا أولاً !
ونظرية الكم هي النظرية أو النظريات التي تدرس نشأة الجسيمات ، وشروط ظهورها .
ويقول المؤلف : اكتشفت أنه لم يكن مجرد سفسطة منهم بل عجز حقيقي بسبب ما قرأوه في فيزياء الكم أفضى إلى هذه النتائج الخطيرة .
53
إلى ماذا يؤدي انكار المبادئ العقلية الضرورية ؟
انكارها يؤدي إلى اهدار العلوم الطبيعية التجريبية فكلها قائمة على السبب والمسبب ، وإهدار لإمكان التواصل والإقناع بين الناس .وإغلاق لباب المعرفة والتحصيل .


المستوى الثاني من أدلة وجود الله سبحانه: النزعة الأخلاقية
57
مما أحرج الملحدين سؤال النزعة الأخلاقية فلا يوجد تفسير منطقي لديهم لها .
· فمن الذي أودعها في النفس ابتداءً ؟
· وما الذي يفسر هذا الشعور الضروري بأن للعدل قيمة موضوعية تجعل منه قيمة أخلاقية حسنةً مطلقاً مقابل الظلم الذي يستشعر الإنسان أنه قيمة أخلاقية سيئة ؟
· هل بالإمكان أن يوجد خير موضوعي دون وجود الله سبحانه أو هل بالإمكان أن تكون خيراً صالحاً دون وجود الله ؟
فلا قيمة للأخلاق فعلاً دون الإيمان بوجود الله سبحانه ، أي وجود رؤية معيارية مطلقة يمكن محاكمة الممارسات إليها .
فقتل هتلر لليهود والمرضى والضعاف يبرره هتلر بأنه لتحسين وإبعاد الشر عن الأرض وتحسين النسل . فمن يحكم بأن هذا فعل صالح أو سيء ؟
يقول أحد الملاحدة : لا وجود لقيم أخلاقية ذات طبيعة أخلاقية مطلقة ، وجميع ما يتبناه المرء من قيم هي أمور نسبية إضافية . وحين سئل عن تعذيب الأطفال وأكلهم مثلاً طبقاً لكلامه ليس خطأً بإطلاق لم يزد في جوابه أن قال : لا بد أن نواجه مثل هذه الأسئلة الصعبة .
62
سؤالي النزعة الأخلاقية :
السؤال الأول : هل للقيم الأخلاقية المطلقة وجود أم لا ؟
السؤال الثاني : كيف نتعرف على تلك القيم الأخلاقية إن كان لها وجود ؟
وبسبب شعور الملاحدة الجدد بمأزق السؤال الأول يقفزونه ويجيبون على السؤال الثاني كيف نتعرف على حسن الأخلاق من قبحها .
ما الذي يصير إليه الإنسان بغير إله هل سيكون كل شيء مباح له وفي وسعه أن يفعل ما يشاء ، في ظل عدم وجود مرجعية أخلاقية ؟
هل الأخلاق طبقاً للدارونيين قابلة للتطور كالإنسان ؟ والشعور بها وليد الصدفة ؟ أم لا وجود مطلق للخير والشر ؟
65
ماذا يلزم أخلاقياً من القول بنظرية التطور ؟
· يلزم الدارونيون طبقاً لنظريتهم القول أن الظاهرة الأخلاقية (الأخلاق) قابلة للتطور والإنحدار ، فالقط حين يأكل فأراً فإنه لم يمارس خطيئة أخلاقية وهكذا يجب أن يكون الإنسان في ظل التصور الداروني .
· ومالم يكن للأخلاق مرجع إلهي فيقع الدارونيون في مأزق وتناقض كبير فيما يتعلق بالأعمال الشريرة التي مورست باسم الدين ، إذ الخير والشر لا وجود له إلا في ضوء وجود الله .
· يقف الملحدون التطوريون عاجزون عن القول للظالم لماذا تظلم ؟ مادام يحقق مصالحة الشخصية وهو آمن من الشرطة، ولا يجدون مبرراً للتبرع للجهات الخيرية والإغاثية إلا أن تحقق لهم شخصياً نفعاً ذاتياً . فلا إيمان لديهم بالخير والشر أو الجزاء والحساب بل ولا خير أو شر مطلق فهو يتغير بتغير الزمان والمكان . ولذلك يؤيدون زنا المحارم وأن يزني الأخ بأخته ما داما متحابين مع ضمان أن لا يكون هناك حمل .
· بل صرح الملحد بيتر سينغر : بأنه لا يرى مشكلة في ممارسة الجنس مع الحيوانات بشرط عدم انتهاك حق الحيوان !.
70
ماذا جنت أخلاقياً الدول التي تبنت الإلحاد ؟ :
إذا أردت أن تنظر خطورة الإلحاد على مستوى البشرية فانظر إلى ما جرته الدول التي تبنت الإلحاد كالإتحاد السوفييتي حين أبادوا شعوباً بكاملها بل تعدت ضحاياهم الثلاثين مليون وهجروا إلى ثلوج سيبريا ملايين من البشر ليموتوا هناك من البرد والثلج .
70
الخلاصة :
الشعور الضروري بأن للأخلاق طبيعة موضوعية متجاوزة ومتعالية على الإنسان يعتبر أحد الدلائل على وجود الله تبارك وتعالى إذ بغيره لا يكون لمثل هذه النزعة الأخلاقية معنى .
إن الأمر أشبه بطفل يجر قطة من ذيلها فتنبهه أمه إلى عدم فعل ذلك فيسألها : لماذا ؟ فتجيب لأن ذلك يؤذيها ، فيسألها الطفل : وما المشكلة في إيذائها ؟ فتجيب : لأن من الخطأ إيذاء الحيوان بلا مبرر ، فيسألها الطفل : ولماذا من الخطأ إيذاء الحيوان بلا مبرر ؟ فتجيب في ضجر : هو خطأ وكفى .
نعم هو خطأ ، ولكن من أين اكتسب هذه الصفة الموضوعية
72
صياغة المعنى الأخلاقي على شكل برهان يدل على وجود الله
إذا كان الله غير موجود فالقيم الأخلاقية غير موجودة ، ولكن هذه القيم الأخلاقية موجودة بالفعل ، وبالتالي فإن الله تعالى موجود . 

المستوى الثالث من مستويات دلائل وجود الله سبحانه وتعالى : الجانب الغريزي
72
الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى
ونلخصه في الأمثلة التالية : من الذي هدى الطفل المولود خلال دقائق فقط لا لتقام ثدي امه و ارتضاعه ؟ ومن الذي غرز في قلب الأم غريزة الأمومة ؟ حتى الحيوانات ، ومن الذي علم الطيور المهاجرة الهجرة لمكان معين في وقت معين والعودة لذات المكان ولم تشاهد أمهاتها ؟ ومن الذي غرس في الأحياء جميعاً غريزة حب البقاء فتعمل من أجله بل تتقاتل من أجله إن لزم الأمر ؟ ومن الذي غرس حب الجمال في النفوس ؟
72
سؤال في الجانب الغريزي :
أنه قد ثبت وجود خلق وهداية فلا بد من خالق وهادي .


المستوى الرابع من مستويات دلائل وجود الله سبحانه وتعالى: الشعور بالغائية
74
ماذا نعني بالشعور بالغائية ؟
معنى فطري وجداني عميق موجود لدى كل انسان ، وهي التي تميزه عن الحيوان .
75
أسئلة الشعور بالغاية : من أنا ؟ ومن أوجدني ؟ وإلى أين المصير ؟
77
حيرة الملحدين يصورها ايليا ابوماضي في قصيدته : الطلاسم التي تقطر ألما وحسرة وشقاءً وحيرة :
جئت لا أعلم من أين ؟ لكني أتيت ، ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت ، وسأبقى ماشياً إن شئت هذا أم أبيت ، كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟ لست أدري ! . أجديد أم قديم أنا في هذا الوجود ، هل أنا حر طليق ، أم أسير في قيود ؟ هل أنا قائد نفسي في حياتي ، أم مقود ؟ أتمنى أنني أدري ولكن ... ، لست أدري ! وطريقي ، ما طريقي ؟ أطويل أم قصير ؟ هل أنا أصعد ، أم أهبط فيه وأغور ؟ أأنا السائر في الدرب ، أم الدرب يسير ؟ أم كلانا واقف والدهر يجري ؟ لست أدري ! أتراني قبلما أصبحت إنساناً سوياً ، أتراني كنت محواً ، أم تراني كنت شياً ؟ ألهذا اللغو حل ؟ أم سيبق أبديّا لست أدري ! ولماذا لست أدري ؟ لست أدري ؟ الى أخر القصيدة المؤلمة .


المستوى الخامس من مستويات دلائل وجود الله سبحانه وتعالى : الإرادة الحرة
79
ماذا نعني بالإرادة الحرة ؟
يوجد لدى الإنسان والحيوان أفعال اختيارية كالذهاب والمجيئ والكلام ... الخ وأفعال ليست اختيارية : كدقات القلب ، وجريان الدم ، ونشوء كريات الدم الحمراء ونقلها للأكسجين والغذاء للجسم وكريات الدم البيضاء ومهاجمتها للميكروبات ، ونمو الجلد والشعر والظفر ، والتئام الجروح ، وغيرها كثير من العمليات في أجهزة الجسم المختلفة الهضمي والعصبي .... الخ .


سؤال الإرادة الحرة ؟
كيف أتت ؟ وكيف نشأت ؟ وكيف تتجدد في كل لحظة ؟ من أنشأها ؟ ومن أوجدها ؟ هل نشأت لوحدها ؟
82
هروب الملحدين من هذه التساؤلات :
يهرب الملحدون في هذه التساؤلات فيقولون : إن كل أفعال الإنسان ليست إلا تفاعلات كيمائية هو مجبور عليها ، حتى ما نرى أنه اختياري كرفع اليد والمشي والكلام في حقيقته مجرد تفاعلات كيمائية حاصلة ولا بد .


لوازم قول الملحدين :
يلزم من قولهم : أن المجرم غير مسؤول عن جريمته ، ويلزم من قولهم أن لا يلوموا المؤمن بالله على إيمانه مادام مجبوراً على ذلك ، وليس لهم أن يفتخروا بأنهم أصحاب الفكر الحر ! مادام ليس لهم اختيار في ذلك ، وما الداعي للحرص على تحصيل العلوم والدراسة مادامت نتائجها تحصل ولا بد .


الخلاصة :
أن في النفس البشرية معنى فطري يقتضي معرفة الله سبحانه وتعالى ، والاعتراف بكماله ، والافتقار اليه ، ,وأنه أقام في النفس معاني تدل عليه ، التعالي عليها يودي بالإنسان لمهاوي تدمر حياته النفسية والأخروية .


دلالات العقل على وجود الله
87
أدلة القرآن على وجود الله وهي أعظم الأدلة وأيسرها :
· أكثر أنواعها ذكراً دلالة : )وجود الأثر على المؤثر )
· وكلما زادت الحاجة للشيء كثر إيراده في القرآن كما قال ابن تيمية مثل دلائل وجود الله وصدق رسوله وقدرته وعلمه ... وغير ذلك كما قرره ابن تيمية رحمه الله .
· ليس مقصد القرآن من دلالة (الأثر على المؤثر ) اثبات الوجود الإلهي فقط فهي في حقيقتها مستقرة في النفوس ، بل تتعدا ذلك لزيادة معرفة الحق سبحانه وتعالى وتعظيمه وإجلاله .




أمثلة :
· يستثير الله المكون الفطري عند العبد ويذكر به بصيغ متنوعة فيقول سبحانه : " أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أءله مع الله ؟ بل هم قوم يعدلون . أم من جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهارا؟ وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أءله مع الله ؟ بل أكثرهم لا يعلمون . أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ؟ أءله مع الله قليلاً ما تذكرون . أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بُشرا بين يدي رحمته أءله مع الله ؟ تعالى الله عما يشركون . أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أءله مع الله ؟ قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "
· ويذكر الله ذُل العبد وافتقاره إلى الله واحتياجه إليه فيقول : (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أخيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين )
· (وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا لضر مسه ... )
90
مكونات الدليل العقلي :
· مبادئ فطرية : كامتناع الترجيح بغير مرجح ، وافتقار الأثر إلى مؤثر ، ومبدأ السببية ، واتقان العالم الذي لا بد له من محدث متقن ، وهو الذي حمل الأعرابي أن يقول قولته الفطرية المشهورة البعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج افلا تدل على اللطيف الخبير ؟
· الملاحظة والحس : وهذا مما يسهل تناولها ومعرفتها كما في الأدلة المشار لها سابقاً
91
أنواع المدركات :
· موجودات نحس بها مباشرة بحواسنا ونسميها (المحسوسات )
· لا نحس بها ولكن نشاهد أثارها .ونسميها (المعقولات)
· لا نحس بها ولا ندرك آثارها ولكن علمنا بها عن طريق الخبر الصادق ونسميها (السمعيات ) وهي بحسب مصدرها .
o وإدراك الله سبحانه عائد إلى النوعين الثاني والثالث (المعقولات والسمعيات)
o واثبات وجوده سبحانه عن طريق المعقولات أكثر ، وكمالاته وعظمته عن طريق السمعيات أكثر



الدلالة العقلية الأولى (دلالة الخلق والإيجاد )
ومن أسمائها: الحدوث ، الاختراع ، المحرك الأول ، الدليل الكلامي ، الدليل الكوني ، الدليل الكوزمولوجي (أي الكوني) وغيرها 
95
· "إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له ، وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه "
· " أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا "
· " قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تكن شيئا "
· " وفي أنفسكم أفلا تبصرون "
· " أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ؟ " وهي من أعظم الآيات هيبة ، فما دام يستحيل الاحتمال الأول ويمتنع الثاني ، لم يتبق الا الاحتمال الثالث وهو أن لهم خالقاً خلقهم . ولما سمع جبير بن مطعم t رسول الله r يقرؤها قال : كاد قلبي أن يطير !
· " الم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه .... قال فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب "










95
مختصر دلالة الخلق والإيجاد على وجود الله سبحانه وتعالى :
تستند على دلالتين :
الأولى :
أ ) أن الحواد ث موجودة (أي أن السموات والأرض وما تحويه موجودة محسوسة ومشاهدة ) :
ونحن نشاهد كل يوم أجساماً تدب فيها الحياة فمولود يولد و شجرة تنبت أو تثمر ، وسماء تمطر ... وغيرها . قال الله تعالى : " أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " وقال سبحانه " قال كذلك قال ربك هو علي هيّن وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا "
ب ) لكل حادث محدث . وهو قضية بدهية وهو مبدأ السببية ، لا يُتصور نقيضها ، وهي قضية يستدل بها لا لها .
الثاني :
لايخرج وجودها عن ثلاث افتراضات لا رابع لها :
أ) أنها أحدثت ذاتها (خلقت نفسها )
ب ) حدثت ولم يحدثها شيء .
ج) أحدثها غيرها .
والافتراض الأول يستحيل فكيف يكون الشيء علة لنفسه فإذا كان معدوما امتنع أن يكون علة في وجود غيره فضلاً عن أن يكون علة في وجود نفسه ، وهذا الافتراض يؤدي إلى الدور (وهو ترتب كل واحد على الآخر ) ، ويلزمنا قطع سلسلة الأسباب إلى سبب أول لا يفتقر إلى سبب .
ويستحيل الثاني وهو أنه لم يحدثها شيء ، فلم يتبق إلا الاحتمال الثالث .


114
هل الكون أزلي لا بداية له ، أم أن له بداية ؟
احتاجت هذه القضية إلى جدل واسع لإثباتها من قبل عدد من العلماء الأولين ، أما الآن فقد قطع العلم هذه القضية بشكل واضح محدد ، لم يجد العلماء الفيزيائيين الملحدون بداً من الإيمان بها .
114
فكرة النظرية وهي ما اصطلح على تسميته ب (نظرية الانفجار العظيم )
رصد "ادوين هبل" عام 1929م ، أن المجرات تتباعد بسرعة تتناسب مع المسافة الفاصلة بيننا وبينها ، وأن المسافة كلما اتسعت فإن سرعتها تزداد . ورصدها عن طريق مشاهدة طيف الضوء فكلما انزاح نحو اللون الأحمر دل على ابتعادها عنا ، وكلما انزاح نحو اللون الأزرق صار في حالة اقبال علينا .
وأيد هذا المكتشف مكتشف آخر لباحثين هما أرنو ينزياس وروبرت ويلسون وهو : أن الكون ليس مطلق البرودة بل بدرجة حرارة تصل ل 3 درجات وفق معيار كلفن ، وكان هذا المكتشف هو الصدى الحراري للإنفجار العظيم ، نالا عليه جائزة نوبل عام 1978م ، الغريب أنه وقع منهم صدفة فقالا وقتها : لا ندري هل شاهدنا بداية الكون أم كومة من الحمام ؟
116
من أدلة صواب النظرية :
1. ـ الكون يتمدد :
بدأ الكون قبل 13.8 بليون سنة (حسب وكالة ناسا للفضاء وقبل 13.7 حسب وكالة الفضاء الأوربية ) يتمدد بطريقة تشبه وضع نقاط على بالون ونفخه أي أن المكان نفسه يتمدد وليست الأجرام نفسها تسير ضمن المكان
فالنظرية تقول : إن الزمان والمكان والمادة والطاقة نشأت في تلك اللحظة
2. الديناميكا الحرارية :
تنتقل الحرارة في الكون دوماً من الجسم الأكثر سخونة إلى الأقل سخونة حتى تصل لدرجة التعادل . ولو كان الكون أزلياً لوصل لهذه المرحلة لأن له زمن لا محدود ، ولنضب معين الطاقة وتوقفت الحياة .
وبناء ًعلى المقدمتين السابقتين نستطيع أن نقول : إن ثمة سبباً خارجا عن الكون ، متعالياً عن الإطار المادي (الزمن والمادة) متجاوزا لطبيعة الكون هو المتسبب في إخراج العالم إلى الوجود وذاك السبب هو الله تعالى .

(وله أدلة تتجاوز العشرين دليل ذكرها سامي عامري في كتابه عن وجود الله ملخص في المدونة )




أشهر الاعتراضات على دليل الخلق والإيجاد والإجابة عنها :
121
1ـ إنكار مبدأ : كل ما له من بداية فلا بد له من سبب :
· وهو انكار يقوم على المغالطة الذهنية والفلسفية أكثر من أن يكون له حظ في واقع الحياة ، فيقول أن ربط حدث بآخر لا يعدو أن يكون ارتبط في أذهاننا لتكرار حدوثهما معاً ، وإلا فيمكن حدوث شيء دون السبب الذي ربطناه به ، وهي مغالطة كلامية لا تستند لدليل ، وإمكان الشيء في التصور الذهني ليس دليلاً على صحته ، فكل أحد يدرك أنه يستحيل أن يوجد أو يحدث شيء دون سبب لوجوده . وهو مبدأ فطري تقوم عليه الحياة ، التشكيك فيه يقود لمتناقضات لا نهاية لها ، فكيف يحصل علم بلا تعلم ، والم بلا مرض وحركة بلا مُحرك ....
2ـ الاعتراض على أن الكون له بداية :
أوقعت الأدلة بوجود بداية للكون الملحدين الذين يقولون بأزلية الكون في حيص بيص ، بل إن العلماء حددوا بدايتة بالسنين كما مر معنا قبل قليل ، وقد قال بعض العلماء الملحدين متضايقين من هذا الاكتشاف منهم "اينشتاين" إنها مسألة تقلقني ، وقال " إدنجتون " فكرة أشمئز منها " ويقول عن العلماء الذين عاشوا مثلة معتمدين على قوة المنطق " إنها قصة تنتهي وكأنها كابوس فبينما كنا نقطع جبالاً من الجهل ولم يبق إلا الصخرة الأخيرة إذا بمجموعة من اللاهوتيين جلوس هناك منذ قرون !
وللهروب من هذه النظرية والاكتشاف قالوا ببعض النظريات من أهمها :
نظريات بديلة قال بها الملحدون للهروب من الحقيقة التي اثبتت بداية الكون (نظرية الانفجار الكبير)
1ـ نظرية الكون المتذبذب :
وخلاصتها : أن الكون يتمدد حتى يبلغ مداه ثم ينكمش ثم يتمدد وهكذا ، والرد عليها يسير سهل .
منها أنه لا يوجد أي دليل علمي عليها بل هي مجرد تصورات ذهنية بحتة ، ومنها : أن الأدلة تدل على عكس حالة الانكماش فالتمدد في تسارع وليس العكس ، ومنها : أن الانكماش يتطلب قوة مضادة وهو ما لا دليل عليه بل الدليل على ضده ، ومنها أن التسارع مضبوط عل نحو دقيق جداً جداً يبلغ جزء من 10 أس 120 ، لو زاد بعد الفاصلة رقما واحدا وهو جزء يسير جدا جداً فتمدد بشكل أكثر تسارع لامتنع تكون النجوم والمجرات ، ولو كان بشكل أقل فسينكمش الكون على نفسه بشكل سريع ، وهذا يفرض تساؤلاً هائلاً : من الذي ضبطه على هذا النحو الدقيق جداً جداً ؟
2ـ نظرية الكون الأم :
وفكرتها باختصار ، أنه يوجد كون تنشأ عنه أكوان جديدة ، وهذه الأكوان الجديدة لها بداية بينما الكون الأم لا بداية له .
وهو تفسير مضحك ينبئ عن أزمة حقيقية بين الملحدين جعلتهم يتمسكون بمثل هذه الأفكار ، ويكفي في الرد عليه أنه مجرد تصور ذهني لا دليل عليه ، ولا تجيب عن التساؤل الرئيسي كيف وجد هذا الكون الأم بل كيف تم ضبطه على هذا النحو الدقيق لينشئ أكواناً أخرى ، هل هو كون عاقل متصرف خالق ، إذاً هو تصور ذاتي لكم لإله خالق ترفضون أن تسمونه (الله) .




الاعتراضات على أن الله هو من أحدث الكون من العدم :
135
الاعتراض الأول : (لماذا الله ) :
وفكرته : حتى مع تقدير أنه لا بد من وجود سبب وراء حدوث العالم فلم تفترضون أنه الله ؟
وهو هروب عن محل البحث ، ومشكلتهم في (الله الخالق ) سبحانه وتعالى ، إيمانهم بالمادة وأنه لا شيء وراءها ،( ولكن السؤال : من أوجد المادة بعد أن لم تكن موجودة ؟ فيستحيل أن يوجدها مادة مثلها لها خصائصها ) .
وإذا كان الكون موجوداً بعد عدم (كما قرره العلم وأقر به الملاحدة الفيزيائيون أنفسهم كما سبق بيانه صفحة 114) فلا بد أن يكون له سبب خارجه يتصف بالأزلية دون أن يكون هو سبباً أو أثراً لشيء أخر لينقطع التسلسل .
(ومن المغالطة جوابهم عن منشئ الكون بأنه شيء و ليس بالضرورة أن يكون الله ؟ فالسؤال الأساس : هل للكون مُنشئ من عدم أم لا ؟ فإذا أقررتم أن له منشئا من خارجه فسموه ما تشاؤون فقد قامت عليكم الحجة )


137
الاعتراض الثاني : اله الفجوات :
يقول الملحدون إن جوابكم عن أن لهذا الكون خالق جواب ناشئ عن عجزكم عن إيجاد دليل وبالتالي لجأتم لهذا التصور اللاهوتي .
والجواب أن إيماننا بوجود الله سبحانه ناشئ عن علم لا عن جهل (وأن أدلة وجوده كثيرة منتشرة سبق بيان بعضها وسيرد بيان أخرى غيرها بإذن الله )
139
الاعتراض الثالث : لماذا التعجل فالعلم سيكشف لنا عن السبب :
ومنشأ مقولتهم التضييق الشديد لمدلول العلم ومغالاتهم فيه بحيث لا يؤمنون بأدلة غيره سواء عقلية أو فطرية أو سواها ، ولذلك يقول أحدهم : " حتى لو كانت جميع المعطيات تشير إلى مصمم ذكي فإن مثل هذه الفرضية يجب استبعادها لأنها تمثل نظرة غير مادية .
ويرد عليهم بأن المنهج التجريبي إما أن يكون مدرك بطريقه هو ، أو بطريق خارج عنه ، فإن كان إدراكنا لصحته بطريقه هو فهذا يؤول إلى الدور إذ لا يمكن أن يستشهد على صحة الشيء بنفسه , وإما أن يكون من غيره وخارج عنه فحينئذ حصل المقصود وهو ما يقول به المؤلهة .
والحق أن لكل علم مصادره المعرفية وأدواته فالتاريخ له مصادره المعرفية وعلوم الرياضيات كذلك .
ومثالهم كشخص على شاطئ البحر يبحث عن قطع بلاستيكية بمغناطيس ولم يلتقط أي قطعة وبالتالي ينفي وجود البلاستيك أصلاً رغم تنبيهك له أن جهاز المغناطيس الذي يحمله معه لا يلتقط البلاستيك ، ولا تملك أن تبتسم وأنت تلاحظ أن المغناطيس الذي يحمله يحتوي على أجزاء من البلاستيك .
وقد اعترض كثير من الكتاب على هذه النظرية المغالية في البحث التجريبي في حين أنه يصعب دراسة كثير من القضايا الحياتية عن طريقه كقضايا الإدراك والقيم والحقائق التاريخية ، وهو خلل منهجي كبير .
145
الاعتراض الرابع : أن الكون حادث بلا سبب ، أو أنه بذاته سبب حدوثه أو أن الجاذبية هي سبب نشوء الكون :
· ويجاب عنه : أن الجاذبية توصيف لظاهرة طبيعية لم تنشأ إلا مع نشأة الكون فكيف تكون سبباً لنشأته ،.
· أما أن الكون أنشأ نفسه ، فكيف ينشئ نفسه وهو لم ينشأ بعد ، وهذا مخالف لبدهية عقلية كما قال سبحانه " أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ؟ "
· يتضمن رجحان الممكن بلا مرجح ، وهذا ممتنع عقلاً ومنطقا .
· كيف لعاقل يستوعب أن الكون حدث من لا شيء ، ثم يسعى بعد ذلك للتعرف على الأسباب التي تقف خلف الحوادث ، كمن يقتنع أن الأرنب خرج من قبعة خالية .
150
الاعتراض الخامس : فمن خلق الله :
وهو من أشهر الاعتراضات ، وعند تأمله ندرك أنه أداة سجاليه لا أكثر ،لهذه الأسباب :
· سؤال خاطئ : فهم ينطلقون من منطلق غير صحيح وهو التسليم الأولي بأن الله مخلوق و ينطلقون من قاعدة غير صحيحة وهي : ما دام كل موجود له من موجد فمن أوجد الله ؟ والصحيح قول : كل حادث له محدث والله ليس بحادث (بل هو قديم أزلي متعال على الزمان إذ هو مزمنه والمكان إذ هو موجده سبحانه وتعالى .) ، و هو شبيه بمن يسأل كم طول الظلع الرابع للمثلث ، أو يسأل عن ولدك الذكر الذي لم يتزوج ما اسم بنته ؟
· (على فرض الإجابة لا ينتهي الإشكال بل هو باقي : فلو قلنا أن للخالق خالق ! فسيقول : فمن خلق خالق الخالق وهكذا في سلسلة لابد أن تنتهي بخالق غير مخلوق . )
· هذا السؤال ليس بجديد بل هو حاضر في الخطاب النبوي قال رسول الله r " يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته " .
وعن عائشة رضي الله عنها : " قالت قال رسول الله r لن يدع الشيطان أن يأتي أحدكم فيقول : من خلق السموات والأرض ؟ فيقول : الله ، فيقول : فمن خلقك ؟ فيقول : الله ، فيقول من خلق الله ؟ فإذا أحس أحدكم بذلك فليقل : آمنت بالله وبرسله " وفي رواية يكشف فيها الرسول عن وجود هذا السؤال في أمته واستمراره فيقول : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا : خلق الله الخلق فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل : آمنت بالله " وفي رواية : " يوشك الناس أن يتساءلوا بينهم حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق ، فمن خلق الله ؟ فإذا قالوا ذلك فقولوا : الله أحد الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد " ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً ، وليستعذ بالله من الشيطان )
وفي رواية أن الصحابة حين سألوا الرسول r بأدب جم عن ذلك فقالوا : إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به . قال : قد وجدتموه ؟ قالوا : نعم ، قال : ذاك صريح الإيمان ، وفي رواية أنه r قال : الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة . وفي رواية أن رجلاً جاء إلى النبي r فقال يا رسول الله ، إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به ، قل r: " الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة "
154
مختصر الطريقة النبوية لمعالجة الإشكال :
1ـ الاستعاذة بالله 2ـ قول آمنت بالله ورسله . 3ـ قول :الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد 4ـ التفل عن اليسار 5ـ الانتهاء


لماذا أمر النبي r صاحب السؤال أن ينته عن هذا السؤال ؟
يقول ابن تيمية :
1. لأنه نهاية الوساوس فيجب أن ينتهي عنه وقد قال سبحانه وتعالى " وأن إلى ربك المنتهى " وورد في الدعاء المأثور " حسبي الله وكفى ، سمع الله لمن دعا ، ليس وراء الله مرمى " وفي رواية " ليس وراء الله منتهى "
2. لأن السؤال معلوم بطلانه بالفطرة والضرورة فأمر r أن ينته عنه ، كما لو قيل : متى حدث الله ، أو متى يموت ؟
3. أمر النبي r العبد أن يقول " آمنت بالله " وهذا من باب دفع الضد الضار بالضد النافع ، كما تدفع الوساوس بضدها فإذا قال الشيطان للعبد في الوضوء لم تغسل وجهك يقول بلى غسلته أو لم تقرأ الفاتحة يقول : بلى قرأتها ، ومتى ما رآه الشيطان قابلاً للوساوس والشكوك تسلط عليه ." إن الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم معرضون "


أمثلة تبين خطأ هذا السؤال:
مثال الجندي والأسير : لو قدرنا أن هناك جندي معه مسدس وأمامه أسير لكنه ممنوع من قتله حتى يتلقى الأمر من رئيسه ورئيسه لا بد أن يتلق الأمر من رئيسه الأعلى منه ، فلو قدر أن هذه السلسلة من القيادات الأعلى لا تنته فلن يقتل الأسير ، لكن لا بد لها من نهاية قائد بأمر بقتل الأسير ، فإذا شاهدته قتل علمت أن الأمر انتهى لقائد أخير تنتهي إليه الأوامر .
مثال الثريا المعلقة بسلسلة في السقف : لو افترضنا ثريا معلقة في السقف بسلسلة مكونة من حلقات فإن كل حلقة متعلقة بحلقة قبلها فيستحيل أن تكون معقلة في الهواء ، فلا بد أن تنتهي إلى حلقة أخيرة معلقة في السقف .
مثال أحجار لعبة الدومينو : لو افترضنا أن أحجار لعبة الدومينو مصفوفة بطريقة بحيث كل واحد يسقط يقع على الذي يليه حتى تقع جميعا ، فكل واحد يقع بسبب سقوط الحجر الذي قبله ، وفي النهاية لا بد أن ننتهي إلى حجر تسقطه قوة خارجة عنه . 
والأمثلة كثيرة .
ولا يزول الشك إلا بالإيمان بمُحدث لا يحتاج إلى غيره .
164
منشأ هذا السؤال :
هو تشبيه الخالق سبحانه بالمخلوق ، فكل مخلوق لا بد له من خالق ، أما الخالق فليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، ولا وجه للمقايسة بين الخالق والمخلوق ، ولا تجري أحكام المخلوق على الخالق .
164
إذا لم تقتنع بجواب ما فهل من الصواب أن تعرض عنه وتتمسك بجواب متهالك :
ومثل هذا كمن دخل كهف فوجد فيه صورا عديدة فاستنتج أنه كان مأهولا ببشر في وقت ما ، لكنه لا يعلم عنهم شيء فلا يعلم من أين أتوا؟ ماهو مصيرهم ؟ وما أسماؤهم ؟ وما الوانهم ؟ لكنه أنكر وجودهم لمجرد أنه لم يعرف جواب هذه السؤالات


تناقض الملاحدة :
يصعب على الملاحدة أن يؤمنوا بوجود اله ازلي لا بداية له ، وفي نفس الوقت لا يجدون صعوبة في أن يؤمنوا بوجود كون أزلي لا بداية له !!!
والفرق بيننا وبينهم أنهم يجعلون لهذا الكون صفات الخالق من قدره على الخلق والإتقان ....الخ ونحن نجعلها لله سبحانه .
167
الدلالة العقلية الثانية على وجود الله سبحانه وتعالى : دلالة النظم والإحكام


وهي دلالة سهلة المأخذ والمتناول يلاحظها كل إنسان عاقل
ومن إشارات القرآن لها :
"أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله من الله بل هم قوم يعدلون ، أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ، أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون ، أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون ، أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهنكم إن كنتم صادقين "
وقوله سبحانه " الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون "


صورة الدليل :
المقدمة الأولى : الكون الذي نشاهده غاية في الإحكام والإتقان والدقة في الخلق لا يمكن أن تكون فيه الحياة لو اختلف أحد قوانين العناية فيه اختلافاً يسيرا .
المقدمة الثانية : هذا الإتقان والإحكام يستدعي وجود فاعل عليم حكيم خلقه على هذه الهيئة والإتقان .
ويمكن بناء الدليل بطريقة السبر والتقسيم على النحو التالي :
الكون متقن ومحكم ولا يخرج اتقانه واحكامه عن ثلاثة احتمالات :
· ان اتقانه ناشئ عن حتمية قانونية .
· ان اتقانه ناشئ بالصدفة .
· ان اتقانه ناشئ عن خالق مريد حكيم .
وباطراح الاحتمالين الأول والثاني لا يبقى الا الاحتمال الثالث .


كيف ندرك هذا الاحكام والإتقان ؟
الاتقان والإحكام يملأ هذا الكون ، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد ، فهي تملأ الكون في أرضه وبحره وفي جوفه وهوائه ....




المعايرة الدقيقة للكون :
لو وقع أدنى اختلال في المنظومة الكونية لكان هذا مؤذن بخراب عظيم في الكون ولما نشأت حياة ، وتهاوت منظومة الكون بأسرها .
ومن هذه الثوابت : ثابت الجاذبية وثابت بلانك ، وكتلة النيوترن إلى كتلة البروتون ، وقوة الجذب الكهرومغناطيسية ... الخ
اكتب ان شئت في اليوتيوب "المعايرة الدقيقة للكون " لترى مدى دقة هذه الثوابت .
يقول غانزا وجاي ريتشارد : إن غلافنا الجوي صاف ، وأن القمر هو بالحجم المناسب تماماً وعلى البعد المناسب من الأرض ، وجاذبيتها تسهم في ثبات حركة دوران الأرض ، وأن موقعنا من مجرتنا هو في هذا الموقع تحديداً ، وأن شمسنا لها كتلتها هذه تحديداً ، وتركيبها على هذا النحو تحديداً ، جميع هذه الحقائق وغيرها كثير لم توضع هكذا لتسمح لنا بالحياة فقط ولكن على نحو تمكننا من دراستها والتعرف عليها وسبر أغوارها ، هل نحن محظوظون بهذا الخصوص لهذه الدرجة ؟


قوة الجاذبية :
تعتبر الجاذبية الأرضية إحدى الأشياء التي تم ضبطها بشكل دقيق جداً جدا(ً1من 10 اس 60 ) (أي رقم عشرة بجانبه ستون صفر ) ولتقريب الموضوع تصور أن عندك مسطرة مقسمة لستين قسماً ولا بد أن يتطابق قوة الجاذبية مع أحد هذه الأرقام ، والمطلوب أن تصادف هذا الخيار بالضبط لا تتقدم عنه خطوة واحدة ولا تتأخر عنه خطوة واحدة .
لو زادت قوة الجاذبية لزادت قوة احتراق النجوم بسرعة كبيرة ونقص عمرها وتقلص حجمها ، وتقلص عدد وحجم الكائنات الحية على الكواكب القابلة للحياة (الأرض) بحيث لا تتجاوز حجم الحشرات . ولو نقصت بمقدار جزء واحد فقط ً لتلاشى وتبعثر ولم يكن شيء .
ولا ننس أن الجاذبية لا بد أن تتوازن مع قوة تمدد الكون لجزء واحد فقط من 10 اس 15
وأي اختلال في هذا التوازن يعني انعدام فرص الحياة في الأرض


180
القوة النووية القوية :
ماهي القوة النووية : لتقريب الفهم نقول : هل جربت يوماً أن تجمع قطعتي مغناطيس متحدتي القطب ولا حظت تنافرها ؟ ، والنواة في أجسامنا وفي الكون كله كما يعلم الكثير عبارة عن مجموعة بروتونات ومكونات أخرى تدور حول مركز الخلية ، فما الذي يجعلها مستقرة حول مركز النواة ؟ لا هي تتحد فتشكل مواد جديدة ولا هي تتنافر فلا يتشكل أي مكون آخر للحياة كالماء مثلاً ؟ إنه القوة النووية القوية .
لو كانت أضعف بمقدار 2% فإن ذرات الهيدروجين ستتنافر ولن تتمكن من الاندماج حتى تشكل مواد أخرى وسيكون الكون كله مكون من ذرات الهيدروجين فقط ، ولو كانت أقوى بمقدار 2% فإن ذرات الهيدروجين ستتجاذب وتندمج فيتشكل منها ذرات الهليوم . وتكون مسيطرة على عالم المادة في الكون .
والواقع أن بينها اتزان عجيب تضبطه هذه القوة فهي تمكٍّن بعض ذرات الهيدروجين من الالتحام مشكِّلة ذرات الهليوم ولتبدأ بقية المواد الكيميائية مع بقاء شيء من ذرات الهيدروجين حرة فتتمكن من التفاعل مع مواد أخرى كالأكسجين مثلاً مُشكٍّلة الماء ، ويستحيل تخيل وجود للحياة على وجه الأرض لولا هذا الاتزان العجيب .


181
التوازن بين القوى الأربع :
القوى الأربع هي (القوة النووية الضعيفة ، والقوة النووية القوية ، والقوة الكهرومغناطيسية ، وقوة الجاذبية ) تشكٍّل هذه القوى الأربع توازناً عجيباً سمح للحياة في هذا الكون . وقد أُلف عدد من الكتب في هذه الضوابط الدقيقة لتنشأ الحياة في هذا الكون .


مثال غرفة الفندق :
بل إن هذا الكون ضبط على نحو دقيق ليكون صالحا ًلحياة الإنسان وهو ما اصطلح عل تسميته مبدأ الانثروبولجي ، يقول الفيلسوف البريطاني أتنوني فلو في كتابه "هناك اله " : تخيل أنك سافرت لبلد ما واخترت غرفة في أحد الفنادق لتسكنها دخلت الغرفة فوجدتها هُيأت بشل دقيق لاحتياجاتك ، بل لما تفضله في الحياة فوجدت القناة الفضائية التي تحبها تم ضبطها والسي دي المحبب لك بأغنيتك المفضلة ، والصورة المعلقة فوق سريرك هي نفس الصورة التي تحبها وعلقتها في صالة منزلك ، وتم تعطير الغرفة بنفس العطر المفضل لك ، وعندما فتحت الثلاجة جدت عصيرك المفضل والحلوى المفضلة أيضاً ، ورأيت على الطاولة ثلاث كتب جديدة لكاتبك المفضل الذي تُحب القراءة له ، وفي دورة المياه وجدت الصابون والشامبو ومعجون الأسنان والأمواس والمشط كلها من اختياراتك المفضلة عادة ومرتبة على النحو الذي تفضله أنت شخصياً .
ألن يخطر ببالك أن مدير الفندق علم بسفرك لهذه الدولة وتوقع أنك ستختار هذا الفندق و حصل على معلومات شخصية جداً عنك قبل قدومك وهيأ جميع ما تحب على النحو الذي تحب ؟
وبرغم أن هذا مثال ساذج لما يحتويه الكون من تصميم دقيق هُيأ لنا نحن ، يقول الفيزيائي فريمان دايسون " اكتشفت مزيداً من الأدلة بأن الكون بطريقة ما كان يعلم بقدومنا " أي بعبارة أخرى قوانين الطبيعة صيغت من أجل ظهور الحياة واستمرارها عليها .


يقول ابن رشد : (مختصرا)
إن جميع الموجودات موافقة لوجود الإنسان ، انظر إلى الليل والنهار والشمس والقمر ، والأمطار والأنهار ، والماء والنار والهواء ، وإلى الإنسان وأعضائه وخلقه .
وبسبب انتظام هذه السنن أصبح الكون قابلاً للفهم والتعلم والتعامل وفق قوانينه الثابتة .


هل يمكن أن يكون مصادفة : (مثال لوحة الرسم ) :
تخيل لو كان لديك ورقة مقسمه على 1000 عمود طولا و 1000 عمود عرضاً ، وقام أحدهم بتلوين كل مربع بلون معين ، فخرج من ذلك لوحة جميلة للموناليزا مثلاً ، ألن تتأكد أنه يستحيل أن يتم ذلك عشوائياً .


أقوال لبعض الفيزيائيين تبين خلق الكون على نحو دقيق جداً جداً :
يقول (بول ديفز) إن تصور أن القوانين الطبيعية التي نشأ عليها (الكون) يشبه إلى حدٍ كبير حافة سكين حادة جداً تعبير موغل في التسطيح إذ لا يوجد في الكون سكين بهذه الدقة المطلوبة !
إن الأمر أشبه أن تلقي موس على حافة خيط دقيق فيتزن ثم تلقي ملعقة على الموس وبيضة فوق الملعقة وقلماً فوق البيضة ودبوساً فوقها ، وهكذا ، ويتزن الجميع فوق بعض إن الأمر يبدو مستحيلاً ولا شك .
ويقول (فريد هويل ) إن من يقول أن الأمر حدث صدفة كمن يؤمن أن إعصاراً ضرب ساحة خردوات فكونت طائرة بوينج 747 قابلة للطيران .
ويقول مايكل ترنز : إن الأمر أشبه بسهم أطلقته من طرف الكون ليصيب هدفاً بمقدار مليمتر واحد في طرف الكون الآخر . 
ويقول هف روس عالم الفيزياء الفلكية : إن الأمر أشبه مما لو قمنا بتغطية أمريكا بعملة معدنية حتى وصلنا بها إلى القمر والذي يبعد عنا 380000 كم وقمنا بنفس الأمر لبليون قارة أخرى ، قم قمنا بتلوين أحد تلك القطع المعدنية باللون الأحمر ودفناها في حفرة كبيرة جداً ، وطلبنا من شخص أعمى أن يخرج هذه القطعة فأدخل يده وأخرجها فتكون نسبة حصول الأمر 10 اس 40 ، وقارن هذا الرقم مع الأرقام التي يقول بها الفيزيائيون .


تجربة القردة :
قام المجلس القومي البريطاني للفنون بوضع جهاز كمبيوتر في قفص مع ستة قرود ، وبعد مضي شهر أنتجت القردة 50 صفحة مكتوبة نتيجة للضرب العشوائي على لوحة المفاتيح ، بعد فحصها وُجد أنها لم تستطع أن تنتج ولا كلمة واحدة من كلمات اللغة الإنجليزية ، مع العلم أن أقصر كلمة مكونة من حرف واحد مثل حرف A أو I بشرط أن يتبعها مسافة فارغة ، وحتى نتعرف على احتمالية حصول هذا الحرف عشوائياً نقوم بضرب 30 في 30 في 30 على اعتبار أن عدد حروف لوحة المفاتيح 30 فتكون النتيجة احتمال واحد من بين 27000 احتمال ، قام بعدها شرويدر بإجراء عملية حساب لمدى امكانية الحصول على قصيدة السوناتا لشكسبير بذات الطريقة العشوائية (والتي تتألف من 488 حرف فإذا استعملنا الحروف دون الرموز أي 26 حرف فتكون احتمالية واحدة من بين 26 احتمال مضروباً في نفسه 488 مرة ، أو بصيغة أخرى احتمال واحد من 10 اس 690 احتمال ، ولنتعرف على ضخامة هذا الرقم نعلم أن الرقم 10 أمامه 690 صفراً ، وحتى ندرك ضخامة هذا الرقم نعلم أن جميع جسيمات هذا الكون جميعاً (البروتونات والنيترونات والالكترونات ) = 10 اس 80 اي 10 وأمامها 80 صفراً ، فالرقم الذي نتحدث عنه أضخم بكثير من جميع ما تتخيله من جزيئات هذا الكون .
انس موضوع القردة وتخيل أنه تم تحويل الكون بأجمعه إلى معالجات حاسوبية بالغة الصغر (0.000001) جرام وتركنا كل معالج يصدر عشوائيا محاولات إصدار السوناتا بحيث يقوم في كل ثانية بمليون محاولة من بداية خلق الكون إلى الآن ، فإن حاصل المحاولات التي ستصدرها الحاسبات سيكون 10 أس 90 فقط ، فما أبعد هذا الرقم مع عدد محاولات انتاج السوناتا والتي تمثل 10 اس 690 !!! (انظر كتاب : هنالك اله لأنتوني فلو ) وهو من أشرس الملاحدة آمن بوجود اله بعد ذلك والف هذا الكتاب لنقد أفكاره ، ترجم هذا الكتاب بالعربية حديثاً .


مثال صالة القمار :
لو قُدّر أن أحد لاعبي القمار ذهب لمدينة لاس فيغاس المدينة الأمريكية الشهيرة بالقمار ، وأحب أن يجرب حظه مع أحد العاب القمار ، فوضع قطعة النقود ففاز بالجائزة الأولى ففرح وهنأه من حوله ، وأحس أن حظه جيد هذا اليوم فأحب أن يجرب مرة أخرى ففاز أيضاً بالجائزة الكبرى وليس الثانية أو حتى العاشرة ، فكرر العملية عشر مرات ، وفي كل مرة يفوز بالجائزة الكبرى ، الن يتبادر له أن الجهاز به عطل ما ؟ أو أن أحداً ضبط الجهاز على هذه الوضعية لقصدٍ ما ؟ ، كيف سيكون الأمر لو كرر العملية 1000 الف مرة ؟
تصور أننا دخلنا مقامرة لنفوز بكون قابل لاستيعاب حياتنا ففزنا في كل مرة وعلى التوالي ، فهل هذا فقط لأننا محظوظين فقط ؟ 
لو القيت قرش 100 الف مرة وفي كل مرة يسقط على ذات الوجه هل من العقل أن تُعوّل على الصدفة في مثل هذه القضية ؟ 
العجيب أن الملحدين يؤمنون بهذا !
بل يؤمنون بما هو أشد . فيؤمنون بقدرات خارقة للصدفة ، حتى أصبحت قادرة على أن تُنشء الكون ، بالصدفة وتجعله قابل للحياة ، بالصدفة وتضبط القوانين والسنن لتجعله يستمر ملايين السنين بالصدفة!! وتمنع جميع الأشياء التي تحول دون ذلك بالصدفة ..... الخ


حتى أن كبير الملحدين في زمننا الحاضر دوكنز يقول لا مانع لدي من أن اؤمن أن يقوم تمثال الحرية ويلوح بيده لتحيتنا صدفة لأن جزيئات المادة من الممكن أن تتحرك كلها في اتجاه واحد وبالتالي تتحرك اليد وتلوح لنا ثم تعود لمكانها ، وإن كان ــ كما يقول دوكنز نفسه ــ بسؤالي لأحد علماء الرياضيات الذي تطوع لحساب إمكانية ذلك صدفة أن عمر الكون لن يكفي لنا حتى لكتابة أصفار رقم الصدفة هذه . !
كل هذا ليتجنب الإيمان بإله !


كتب أحدهم لأحد الدارونيين : إن إيمانك يتجاوز إيماني بكثير ، فإيماني أكتفي فيه أن اؤمن بوجود اله ، أما إيمانك فيتطلب ثلاثة أشياء : أن شيئاً حصل من لا شيء (الانفجار الكبير ) ، وأن الصخور تنتج أشياء حية (الحياة من العناصر غير العضوية ) ، وأن الطفرات الجينية يمكن أن تُحوٍّل الدودة الشريطية لآينشتاين ! فبهذا أنت الرابح فإيمانك يتخطى إيماني بكثير .
198
التعقيد غير القابل للتبسيط :
ينتقد د.مايكل بيهي نظرية التطور فيقول إنه يوجد تعقيد غير قابل للتبسيط كما تدعي نظرية التطور ، فالظواهر المركبة كجسم الإنسان مثلاً الذي يحتوي على جهاز هضمي وجهاز عصبي ، وجهاز عظمي ، ودورة دموية ، وخلاياً ومخ يفكر .... الخ ، والمخلوقات الحية الأخرى ، ومثل الكون بكامل نجومه ومجراته ... الخ .
يستدعي وجودها أجزاء تعمل بشكل متناغم ، ويتحتم أنها وجدت هكذا دفعة واحد ، اذ اختلال جزء واحد منها يُخل بالنظام بأكمله ، هذه الأنظمة لتعمل بشكل صحيح لا بد لها من ثلاثة أشياء :
1ـ توفر جميع الأجزاء المطلوبة . 2ــ أن تتوفر جميعها في وقت واحد . 3ــ أن تتألف وتتركب على نحو دقيق .
هذه الأشياء تبين استحالة وجود الصدفة ، أو التطور بفعل قوانين الطبيعة العمياء ، أو عشوائيات الطفرات الجينية .
مما يؤكد أن مصمما صممها على هذا النحو معاً لتعمل بشكل متناغم متناسق يكمل بعضه بعضاً .
مثال : بكتيريا الفلجم وذيلها المخصص للسباحة .


مثال الكتابة المقروءة :
· القهحرفا ععهصبا هسعبخهتلى صبعغبع
· السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
· أأأأأأأ فففففففف ججججج
من الواضح أن المثالين الأول والثاني حروفها معقدة التركيب ولكن الثاني يُبين أن وراءه كاتب مريد فاعل قام برص وترتيب الحروف بقصد معين ، أما الثالث فهو متناسق وبسيط لكن لا يبدو منه أي معنى مراد .


DNA ومثال القفل :
الشفرة الوراثية في DNAوالتي اكتشفها واتسون وفرانسيس عام 1953م واحدة من الألغاز المحيرة للعلماء (ففي كل خيلة من خلايا جسمنا والتي تبلغ البلايين سواء في شعرنا أو جلدنا أو عظمنا ...،) يوجد مخزن كامل لصفاتنا الوراثية يُعبر عنه بأربعة أحرف كيميائية يتم ترتيبها كل مرة على هيئة معينة لأجل حفظ وبث ارشادات لتكوين البروتينات التي تحتاجها الخلية من أجل الحياة .
(من قام بتركيبها ، ومتى تم التركيب ، وما هي الكيفية التي تم التركيب وفقها ، لقد احتاج معرفة جزء من تركيبها لآلاف العلماء اتفقوا من شتى البلدان على فك هذه الشفرة بمؤازرة رؤساء هذه الدول ، فإذا كان هذا الجهد فقط لمحاولة التعرف عليها ولم يتم التعرف إلا على جزء يسير منها حتى الآن ، فكيف بتركيبها ابتداءً ؟ )
ولنعرف صعوبة معرفة تركيبها واستحالة التطور الجيني بالصدفة نضرب المثال التالي (مثال القفل ) .
لو أن قفلاً مكون من اربعة ارقام فما هو احتمال أن يأتي لص فيصيب الترتيب الصحيح صدفة ؟ فإذا تخيلنا أن كل خانة من خانات القفل يمكن أن تكون رقماً من عشرة أرقام بين (0و 9) فاحتمال أن تصيب رقماً بالصدفة هو احتمال واحد في مقابل 10 اس 4 ، أي احتمال من عشرة آلاف احتمال فلو قدرنا أن ذلك اللص حاول فتح القفل بتجربة ما يستطيع تجريبه من الاحتمالات بحيث تكون مدة كل محاولة 10 ثواني فسيحتاج قرابة 15 ساعة لإنجاز 5000 تجربة ، وبعد 30 ساعة سيستنفد جميع المحاولات الممكنة بما يضمن أن سيصادف الرقم الصحيح يقيناً ، وغالباً سيصادفه قبل استنفاد هذا الوقت كله ، دعنا نصعب الأمر قليلاً ولنفترض أن القفل يحتوي على 10 خانات ، فتشكيلة الاحتمالات الممكنة في هذه الحالة ستكون 10 اس 10 يعني بليون احتمال ، فلو جرب أن يصيب الرقم الصحيح صدفة فستكون ضئيلة جداً جدا ًحتى لو استغرق حياته كلها في المحاولة . 
والآن لنأت عن الجينات المسؤولة عن إنتاج نوع معين من البروتينات والمسؤولة عن أداء احد الوظائف الحيوية ، هذا الجين يجب أن يكون مرتباً بشكل دقيق جداً لأجل إنتاج هذا البروتين المطلوب ، واحتماليات الإخلال بالترتيب المطلوب هو 10 اس 77 في مقابل احتمال وحيد لإصابة الترتيب المطلوب لتلك الأحرف الأربعة من بين 1 الى 1 أمامها 71 صفراً , وهو رقم مهول جدا ًجداً فعدد ذرات درب التبانة تقدر ب 10 اس 65 .
فهل هذا المستودع الرهيب في كل خلية من خلايا أجسامنا إلا دليل واحد من آلاف الأدلة الدالة على وجود خالق عليم قادر .
وإن تعجب فتعجب ممن اكتشف هذه الشفرة حين أيقن أنه لا يمكن أن يكون للصدفة مجال قال : إنَّ كائنات فضائية خارجية أشد ذكاءً منا هي من أوجد هذه الشفرة ، في تهرب عن الإيمان بوجود اله ، وهو لم يقدم شيء سوى أنه أخر الموضوع لخطوة أخرى فقط ، مما يوضح لك الهيمنة الإلحادية في الجامعات الغربية .


206
برهان الدلالة الثانية : الإتقان والإحكام يستدعي وجود فاعل عليم حكيم


دليلها فهو مبدأ السببية الذي سبق الحديث عنه ، وهذا الإتقان يستدعي وجود سبب وسببه وجود فاعل عليم صدر عنه فعل الإتقان .


مثال الأعمى الذي يسحب الإبر المرتبة من 1الى 10 ويغرس كل واحدة في ثقب التي قبلها (إعجاز السحب المتوالي ، وإعجاز الرمي الدقيق لأعمى ) نسبة السحب المتوالي تكون في النهاية واحد ضد 10 مليارات أي في شبه العدم .


أشهر الاعتراضات على دليل الإتقان والإحكام :


1ــ الإتقان والإحكام مجرد اسقاط نفسي :
وهو من أعجب الاعتراضات : يقولون : كوننا نرى الإتقان لا يعني بالضرورة وجود صنعة متقنة في حد ذاتها ، فمشاهدتنا لمنحوتة على شكل انسان اكتسبت قيمتها من ادراكنا لهيئة خلق الإنسان ، ولو قدر أن مخلوقاً غير الإنسان مر بهذه المنحوتة فلن تكتسب له هذه القيمة ، وهذه مكابرة عجيبة ، فقد اكتسبت هذه المنحوتة قيمتها من دقة صنعها التي ندركها ، (كما نعجب من صنعة صاروخ فضائي ، أو بعض الأجهزة الدقيقة أو رجل آلي أو كمرة .... الخ )
إن هذا التشكيك يؤول بصاحبه إلى التشكيك بكل ما حوله بحجة أنه يمكن أن يكون اسقاط نفسي ، وتحول صاحبها إلى نوع من السفسطة ، ومن يقول هذا القول لا يتعامل في حياته بمثل هذه الطريقة ، ويلزم منها القضاء على جميع مسوغات السعي لاكتشاف العالم والتفاعل معه .
(ومن يرى شيئاً مما ذكرناه سابقاً في اعجاز نشأة الكون واعتراف العلماء مؤمنهم وملحدهم واثباتهم له بالأدلة القاطعة لا يملك نفسه من الدهشة والعجب عن الكون وخالقه سبحانه. )
212
الاعتراض الثالث : الضبط الدقيق ضئيل جداً في هذا الكون الفسيح :
يقول ريتشارد كارير ويوافقه كريستوفر هيتشنز : لو دخلت منزلاً كبيراً فإن الكون الصالح للحياة لا يمثل فيه إلا كذرة صغيرة فهل يحق لنا أن نقول بأن هذه الذرة معايرة بشكل دقيق من أجل وجود الحياة ؟ ونترك 99.999999 % الغير صالح للحياة ؟ 
والجواب : نعم ، ليس السؤال لماذا النسبة الكبيرة غير صالحة للحياة ؟ ولكنه لماذا هذه النسبة الصغيرة تم ضبطها بشكل دقيق جداً جداً حتى أصبحت صالحة للحياة ؟ كمثل والد قال لأبنائه يقوموا بترتيب المنزل لوجود فوضى عارمة فيه ، فلما جاء وجد أحد أبنائه رتب جزءً صغيرا من المنزل فقط ، ولم يتم ترتيب بقية المنزل ، فلا يصح أن يُقال : لماذا هذا الجزء الصحيح مرتب ؟ 
وثانياً : عدم علمنا باتساع الكون ليس مبررا كافياً للتنازل عن اندهاشنا من الضبط الدقيق لهذا الكون الصالح للحياة .
بل يذكر الفيزيائي (لوك بارنر) أن هذا الاتساع مقصود لتستقر الحياة في الجزء الصغير الذي عليه الحياة بالفعل ولو كان هذا الكون ضيئلاً لزادت الجاذبية بعد الانفجار الكبير وانكمش الكون .
وثالثاً : لا تقاس الأشياء بأحجامها المادية ، فحجم الإنسان في هذا الكون الشاسع يعتبر قليلاً ومع ذلك خُلق هذا الكون بما فيه وسٌخّْر لأجله .
223
الاعتراض الرابع : ليس لنا علم إلا بهذا الكون فلا يحق لنا الحكم على غيره :
وصاحب هذا الاعتراض يقول : بما أنني لا أعلم عن أكوان أخرى ضبطت ضبطاً دقيقاً فلا عبرة بالضبط الدقيق لهذا الكون ، وهو تصور واعتراض ساذج ، مثله كمثل جندي أسير سمع القائد يأمر مجموعة من الجنود أن يطلقوا عليه النار وسمع اطلاق النار ولكنه حي لم يمت ولم تصبه رصاصة ، فيقول : لم تصبني رصاصة ولو أصابتني رصاصة لم أكن موجوداً هنا لأتحدث ، فهل هذا موقف عقلاني ؟ الموقف العقلاني أن يتساءل لماذا لم تصبه الرصاصة ؟ .
أو مثله كمثل رجل يلعب بالقمار فحالفه الحظ الف مرة متتالية . فهل التساؤل الطبيعي أن يقول : أنا فزت الف مرة لأني فزت الف مرة . أم التساؤل الحقيقي أن يبحث عن السبب الذي جعله يفوز الف مرة متتالي .
وهو هروب صارخ من اجابة السؤال : لماذا هذا الاحتمال الضئيل لوجود الكون في ظل احتمالات لا متناهية لوجود أكوان غير دقيقة .
226
الاعتراضات على المقدمة الثانية : (الاتقان والاحكام يستدعي وجود فاعل له ) :


الاعتراض الأول : نظرية التطور :
· لن نناقش صدقية نظرية التطور هنا ولكن هل فعلاً نظرية التطور تقتضي فعلاً إنكار وجود الله سبحانه وتعالى؟
· لا تلازم ظاهر وضروري بينهما ، لا من جهة الواقع الفعلي للمؤمنين بالنظرية ولا من جهة النظرية نفسها ، فدارون نفسه عندما وضع هذه النظرية كان مؤمناً بوجود الله سبحانه ، وانكر وجوده لا حقاً بعد وفاة ابنته تحت وطأة سؤال الخير والشر الالهي ، وثمة علماء يؤمنون بنظرية التطور ويؤمنون بوجود الله سبحانه في ذات الوقت ، إذ يمكن أن يكون الله عز وجل جعل سنة التطور أحد السنن الكونية لنشأة الخلق (مع أنه ليست كذلك حسب القرآن الكريم الذي أخبرنا عن خلق آدم عليه السلام )
· ثم ان نظرية التطور تتحدث عن المجال البيولوجي فقط ومظاهر الإبداع والاتقان أوسع من هذا بكثير في هذا الكون الفسيح ، فلا علاقة لها بالثوابت الكونية ولا القوانين الفيزيائية الناظمة للكون ، ولا الظروف والملابسات الأولية لنشأة الكون (الانفجار العظيم )
· نظرية التطور "التطور الكبروي" تتضمن خرقات كبيرة ومشكلات تجعلها أشبه بالخرافة والأضحوكة ، (انظر مثلاً للمثال الذي يضربه الدارونيون عن تحول الحمار لزرافة وأنه بمجرد أنه كان يحاول أن يصل لأوراق الأشجار العلوية استطالت رقبته شيئاً فشيئاً ، بينما يتطلب هذا التحول لتغييرات عظيمة لو نظرت للتغيرات في الدورة الدموية والقلب وحدها لآمنت بعدم امكانية ذلك أن يحدث تطور تدريجي ، فما بالك بالتغيرات في النظام العصبي والعظمي وغيرها ) بل ما بالك بالتغيرات ا لتي حدثت للبقرة حتى أصبحت حوتاً يسبح في المحيطات ؟ وهو أشبه بتحويل سيارة لغواصة ، إنه يتطلب مئات التغييرات المترابطة التي تعمل في نسق واحد (أنظر حلقة رقم 22 من حلقات د.اياد قنيبي في اليوتيوب وهو يتحدث عن مثال الزرافة )
· التطور الصغروي قد يحدث في مئات السنين وهو التطور الواقع في النوع الواحد كالتطورات الحاصلة بين الكلاب أو القطط أو الذئاب في أنواعها وأحجامها وهيئاتها . أما التطور الكبروي وهو الذي يربط بين الزواحف والأسماك أو بين الثدييات والطيور حتى ينتهي بالإنسان ، حتى إيجاد سلف مشترك بينهما مثل الذبابة او البكتيرياً ، ففضلاً أنه لا يوجد له أي دليل فهو أشبه بالأضحوكة على العقول ، إن التطور الصغروي في البكتيريا مثلاً يجعل أجيالاً منها قادرة على مقاومة المضادات الحيوية مما يستدعي تطوير المضادات الحيوية لمقاومة التغيرات الحاصلة في البكتيريا ، وهذا ليس محل جدال إنما محل الجدال أن بين الإنسان والبكتيريا سلف مشترك ؟
· وحتى التطور الصغروي له حد معين فتخيل أنك تدرب حصان على القفز على الحواجز فتبدأ بحاجز صغير ثم أكبر وهكذا حتى يتوقف عند حد معين لا يستطيع تجاوزه بحال . فلا يمكن مثلاً أن يقفز فوق القمر !!
· (الكائن الحي يحتوي على عدد من الأجهزة الدموية والعصبية والهضمية والعظمية وغيرها ، فلا يمكن أن يوجد أحدها دون وجود الآخر ، فلا بد من أنها خلقت معاً مما يبطل نظرية التطور ، تخيل أن غواصة بحرية تعمل دون نظام يسمح بالتنفس للغواصين أو دون نظام للحركة والمحركات ، أو دون نظام للوقود أو النظام الكهربائي ، إن هذه الأجهزة لا بد أنها صُنعت معاً فكل منها مكمل للآخر ، ويعمل بتنسيق معه وليس بديلاً عنه .)
نظرية التطور والصدفة :
· (تحتاج نظرية التطور لعدد من الصدف تحدث معاً : الأولى صدفة ظهور الصفة الجديدة والثانية : صدفة ملائمتها للكائن الحي والثالثة والرابعة والخامسة .... تصادف ظهور نفس الصدف في الأجهزة الأخرى في نفس وقت ظهور الصدفة الأولى وتصادفها للتوافق مع بعض . !!)
· ما أسماه التطوريون : التطور الكامبري وهو ظهور عدد من المخلوقات في مدة زمنية يسيرة لم يستطع التطوريون تفسيره ؟
· ما لدينا من زمن في الكون لا يكفي لوقوع التطور الذي يشير اليه التطوريون .
· ما هو سر تمسك التطوريون بنظريتهم رغم وجود عشرات الأدلة التي تدحضها :
أحد أهم أسباب تمسك التطوريون بنظريتهم وضيق عطنهم حيالها هو النظرة المادية التي تسعى لتفسير كل شيء في إطارها فراراً من الاعتراف بوجود شيء خارج الإطار المادي الذي يشاهدونه مما كان سبباً في ضيق أفقهم، حتى قال بعضهم:"لو كانت جميع المعطيات تشير إلى وجود مصمم ذكي فإن فرضية كهذه يجب استبعادها من العلم لأنها تمثل نظرة غير مادية " ، وصار كل رأي يخالف هذه النظرية يتهم صاحبه بمناهضة العلم ومحاربته وتكال له تهم الرجعية والتخلف بل والإقصاء وهو ما حدا بكثيرين من التصريح بنقدها .


الاعتراض الثاني : فكرة الأكوان المتعددة :
(حين بهر هذا الكون بقوانينه وضوابطه الملحدين لم يجدوا مخرج لينكروا الإله إلا فكرة الصدفة فهم يقولون بها مرة هكذا ومرة هكذا ، كما قال سبحانه وتعالى " قتل الخراصون الذين هم في غفلة ساهون " ) واتخذت هذه التخريصات عدة صور منها :
· الكون المتذبذب : وأخذوها من الانفجار العظيم حيث أن الكون حصل له انفجار حتى وصل إلى أقصى حد ثم انكمش ثم انفجر وانكمش في عدد لا نهائي من المرات حتى صادف في احداها انضباط القوانين فنشأت الحياة الطبيعة !
ويُنغص على هذا التصور عدد من الأشياء :
أولها : أن هذا مجرد تخمين ذهني محض لا دليل مطلقاً عليه .
وثانيها : أن فكرة التذبذب بعد الانفجار ليست محل قبول علمياً ، وأشار (فلنكن) في نظريته استحالة فكرة التبذب والانكماش في عملية لا نهائية ، ولو تم افتراضها فسيكون الكون في كل مرة ينفجر فيها اقل انضباطاً وأكثر فوضى من المرة السابقة لها . 
وثالثها : أن الأمر لا بد أن يعود لنقطة بداية فمتى كانت هذه البداية ؟ وكيف كانت ؟
· الأكوان المتعددة : وفكرته أن هناك أكوان هائلة موجودة لا نهائية ، فصادف أحدها انطباق قوانين الحياة والطبيعة عليه مما سمح بنشوء الحياة واستمرارها ، فلا ثمة خالق فهو مجرد الصدفة .
وهو كسابقه لا دليل عليه ومجرد تخمين ذهني محض ، ولا يقدم جواباً عن السؤال المطروح ما السبب في نشوء هذه الأكوان المتعددة ؟
· وهناك تصورات أخرى لهذه الأكوان المتعددة تدور في نفس الفلك ذكرها المؤلف.
وجميعها ــــ كما سبق ــــ لا دليل عليها وهي مجرد تخمينات ، وحتى أن كثيراً من الفيزيائيين الملحدين يستهجنونها .
ويصرح بعضهم بأن هذه النظريات على أنه لا دليل عليها أهون من أن نؤمن بوجود اله ، ليعود الأمر ـــــ كما سبق توضيحه ــــ أن يكون عقدة نفسية وتأزم من فكرة وجود الإله .
والعجيب أنه برغم ذلك تجد بعض الملاحدة الفيزيائيين يطرحونها بأسلوب الواثق وأنها حقيقة علمية مسلمة مما قد يوقع بعض المستمعين غير المتخصصين في نوع من الشك .
(ولك أن تعجب بعد ذلك في ادعاء الملاحدة أنهم أصحاب العلم وأن المؤمنين هم أصحاب الخرافة !!)
258
الاعتراض الثالث : أن الاتقان الذي نلاحظه هو من وحي الإنسان نفسه وليس حقيقة .
يقولون أن ما نشاهده في الكون من اتقان لا يعدو أن يكون وهماً تسرب إلى أنفسنا ، لأننا لم نشاهد كيف صُنعت ولا كيف تشكلت مظاهر الاتقان فيها ، فكيف نحكم على ما لم نشاهد كيف صنع أنه متقن الصنعة ؟ وحتى لو افترضنا انها متقنة فلا يستدعي ذلك وجود صانع مختار ، فلا تلازم بينهما .
هذا التصور الإلحادي يعيدنا إلى ما سبق الكلام عنه عن مبدأ السببية الفطري الذي لا يستطيع الملحد نفسه أن يتخلص منه في واقع حياته ، ويقتضي قولنا به التسويغ للمجرمين بإجرامهم وعدم مؤاخذة مخطئ على خطئه ! .

وفي مثال صانع الساعات الشهير : هب أننا وجدنا ساعة متقنة ملقاة في أحد الكواكب هل سنقول أن هذه الساعة تدل ضرورة على أن الإنسان وصل إلى هذا الكوكب ، أم سنكتفي بقولنا : وجودها يدل على وصول فاعل مختار لهذا الكوكب ؟
مشروع وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) في البحث عن الإشارات الصوتية التي قد تصدر من كائنات فضائية محتملة يقوم على هذا الأساس ، فلا يمكن أن يصدر شيء من لا شيء .
261
الاعتراض على النتيجة : أن الله سبحانه هو من أوجد العالم على هذا النحو المتقن :


الاعتراض الأول : من عاير المعاير :
يقول الملحد الشهير دوكنز : إذا كان الله عاير الكون فمن عاير المعاير ؟ أو بعبارة أخرى : إذا كان الله قد خلق الكون على نحو محكم فمن خلق الله ؟
وهذا الاعتراض سبق مناقشته على نحو مفصل في مبحث دلالة الخلق والإيجاد ، فدوكنز يقول نحن نفسر هذا الإتقان والتعقيد في الكون بأن له صانع خالق ، مما يدل أن هذا الصانع الخالق أشد تركيباً وتعقيداً فنحن إنما نقوم بزيادة الإشكال بفرض وجود الله كحل لمعضلة هي أبسط من وجوده ، وواضح تماماً أنه وقع في عدد من المغالطات الخطيرة :
الأولى : ينطلق من تصوره أن الخالق من جنس المخلوق ، ولذا يُصبغ عليه مثل هذه الأوصاف المجملة (مركب ومعقد) في حين أن ذات الله سبحانه وتعالى متعالية عن هذا الوجود المادي "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"
الثانية : الجواب بأن الله سبحانه هو من خلق هذا الكون هو أيسر وأسهل الإجابات وهو الموافق للفطرة السليمة ، هب أن رجلاً دخل في أحد الكهوف فوجد كتابات على جدرانه ، فالتبرير المنطقي أن هناك من سكن هذا الكهف وقام بعمل هذه الكتابات والرسومات على الجدران ، وهذا جواب منطقي وسهل ، مع ملاحظة أن ذات الإنسان التي قامت بهذه الرسومات أكثر تعقيداً من الرسومات ذاتها .
الثالثة : ولأن الجواب منطقي وسهل جعل أكثر الناس في هذه الدنيا مؤمنين بوجوده تعالى .
الرابعة : ليس من المنطق أن نرفض الجواب في مثالنا عن الكهف لأننا لا نعرف اسم من رسم الرسومات وكتب الكتابات ولا من أين جاء ولا من أي قبيلة هو ومتى جاء للكهف وهل تصرفه مقبول أم لا ؟
الخامسة : الأجوبة التي يفرضها دوكنز وغيره من الملاحدة أشد تعقيداً وتتسبب في إشكالات عميقة مثل فرضية الأكوان المتعددة وغيرها مما سبق الإشارة إليه .
264
الاعتراض الثاني : دليل النظم و الإتقان لا يُعيّن أن الخالق هو الله :
وفكرة هذا الاعتراض ببساطة أنهم يقولون : على التنزل بأن الدليل دل على وجود فاعل مختار أوجد العالم على هذه الهيئة المتقنة فمن أين لكم أنه الله ؟ وقد سبق مناقشة هذا الاعتراض في دليل الخلق والإيجاد ، وأن محل البحث الأصلي مع الملاحدة هو في وجود فاعل مريد أوجد الكون أم لا ، فإذا تم الإقرار بوجوده أمكن بناء الدلالة على أن هذا الفاعل المختار هو الله سبحانه وتعالى وتقدس ، وأن دليل النظم في حقيقته يتضمن قدراً من الدلالة على بعض صفات الله ، فهو يرشدنا أن هذا الفاعل المختار متصف بالإرادة والقدرة والعلم والحكمة والحياة والرحمة وغيرها من صفاته تعالى وتقدس
267
الخاتمة : اعجاز كوننا خُلقنا في هذا الكون ؟
هل من اليسير أننا خُلقنا ونعيش هكذا بكل بساطة ؟
أعلن الفلكي الشهير كارل ساجان عام 1966م أن وجود حياة في كوكب ما تحتاج معاملين اثنين فقط هما وجود نجم من نوع مناسب ووجود كوكب يبعد عنه بمسافة مناسبة .
وبناءً على كلامه هذا انطلق في وكالة الفضاء الأمريكية برنامج البحث عن حياة أخرى في كوكب آخر برنامج باهض التكاليف ، فأخذت معايير نشوء حياة صالحة تزداد شيئا فشيئا حتى وصلت لمئتي معيار 200 وأوقف هذا البرنامج من عام 1993 من قبل الكنجرس الأمريكي واليك أخي القارئ بعض هذه المعايير (والتي لا بد أن تكون مضبوطة بدرجة عالية جداً جداً من الدقة ولو اختلفت بمقدار شعرة واحدة لم يمكن العيش ولم تتكون الحياة ) :
· لا بد من وجود كوكب ضخم جداً بالجوار كالمشتري يقوم باجتذاب النيازك وحماية الأرض .
· لا بد أن يكون حجم الكوكب مناسب فلو زاد حجمه لزادت الجاذبية واجتذب غاز الأمونيا والميثين السام ، ولو كانت أصغر لخفت الجاذبية وأثر على كمية المياه .
· لا بد أن يكون كوكب صغير بالجوار كالقمر ليحافظ على استقرار الأرض ولولا وجوده لتمايل محور الأرض وفقدت استقرارها المطلوب .
· قشرة الكوكب يجب أن تكون بالحجم المناسب فلو كانت أسمك لأثر على مستوى الأكسجين في الغلاف الجوي ، ولو كانت أخف لزاد النشاط البركاني والزلازل على سطح الأرض .
فوجودنا معجزة حقيقية واحتمالات عدم وجودنا أكبر بكثير جداً جداً .
ولا يقارن ما سبق بتعقيدات وجود الكون ذاته فلا بد من ضبط قوى الكون الأربعة : (الجاذبية والقوة الكهرومغناطيسة ، والقوة النووية القوية ، والقوة النووية الضعيفة ) وكلها قد تم ضبطها بعد أقل من 1 على مليون من الثانية بعد الانفجار الكبير ، وأي تغيير ولو بجزء ضئيل جداً جداً يؤدي لانهيار المنظومة كاملة .


هذا ما تيسر من مقتطفات من هذا الكتاب الجميل " شموع النهار " لمؤلفة الشيخ الباحث : عبدالله بن صالح العجيري أثابه الله . 
أسأل الله بمنه وكرمه أن ينفعني به وبمن قرأه ويجزي مؤلفه خير الجزاء ، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم إنه سميع مجيب والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
السبت 1/ ذو القعدة / 1439هـ



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مقتطفات من كتاب : صناعة التفكير العقدي لعدد من المؤلفين

مقتطفات من كتاب " فمن خلق الله ـ نقد الشبهة الإلحادية :إذا كان لكل مخلوق خالق فمن خلق الله ؟ ـ " لمؤلفه د/سامي العامري